صفحة جزء
الرابعة : اختلف الناس في تأويل الوجه المضاف إلى الله تعالى في القرآن والسنة ، فقال الحذاق : ذلك راجع إلى الوجود ، والعبارة عنه بالوجه من مجاز الكلام ، إذ كان الوجه أظهر الأعضاء في الشاهد وأجلها قدرا . وقال ابن فورك : قد تذكر صفة الشيء والمراد بها الموصوف توسعا ، كما يقول القائل : رأيت علم فلان اليوم ، ونظرت إلى علمه ، وإنما يريد بذلك رأيت العالم ونظرت إلى العالم ، كذلك إذا ذكر الوجه هنا ، والمراد من له الوجه ، أي الوجود . وعلى هذا يتأول قوله تعالى : إنما نطعمكم لوجه الله لأن المراد به : لله الذي له الوجه ، وكذلك قوله : إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى أي الذي له الوجه . قال ابن عباس : الوجه عبارة عنه عز وجل ، كما قال : ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . وقال بعض الأئمة : تلك صفة ثابتة بالسمع زائدة على ما توجبه العقول من صفات القديم تعالى . قال ابن عطية : وضعف أبو المعالي هذا القول ، وهو كذلك ضعيف ، وإنما المراد وجوده . وقيل : المراد بالوجه هنا الجهة التي وجهنا إليها أي القبلة . وقيل : الوجه القصد ، كما قال الشاعر :

أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل



وقيل : المعنى فثم رضا الله وثوابه ، كما قال : إنما نطعمكم لوجه الله أي لرضائه وطلب ثوابه ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة .

[ ص: 81 ] وقوله : يجاء يوم القيامة بصحف مختمة فتنصب بين يدي الله تعالى فيقول عز وجل لملائكته ألقوا هذا واقبلوا هذا فتقول الملائكة وعزتك يا ربنا ما رأينا إلا خيرا وهو أعلم فيقول إن هذا كان لغير وجهي ولا أقبل من العمل إلا ما ابتغي به وجهي أي خالصا لي ، خرجه الدارقطني . وقيل : المراد فثم الله ، والوجه صلة ، وهو كقوله : وهو معكم . قاله الكلبي والقتبي ، ونحوه قول المعتزلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية