قوله تعالى : فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم فيه أربع مسائل : 
الأولى : قوله تعالى : فمن بدله شرط ، وجوابه 
فإنما إثمه على الذين يبدلونه و " ما " كافة ل " إن " عن العمل . وإثمه رفع بالابتداء ، 
على الذين يبدلونه موضع الخبر ، والضمير في بدله يرجع إلى الإيصاء ، لأن الوصية في معنى الإيصاء ، وكذلك الضمير في سمعه ، وهو كقوله : 
فمن جاءه موعظة من ربه أي وعظ ، وقوله : 
إذا حضر القسمة أي المال ، بدليل قوله " منه " ، ومثله قول الشاعر : 
ما هذه الصوت 
أي الصيحة ، وقال 
امرؤ القيس    : 
برهرهة رؤدة رخصة     كخرعوبة البانة المنفطر 
والمنفطر المنتفخ بالورق ، وهو أنعم ما يكون ، ذهب إلى القضيب وترك لفظ الخرعوبة . وسمعه يحتمل أن يكون سمعه من الوصي نفسه ، ويحتمل أن يكون سمعه ممن يثبت به ذلك عنده ، وذلك عدلان ، والضمير في إثمه عائد على التبديل ، أي إثم التبديل عائد على   
[ ص: 251 ] المبدل لا على الميت ، فإن الموصي خرج بالوصية عن اللوم وتوجهت على الوارث أو الولي . وقيل : إن هذا الموصي إذا غير الوصية أو لم يجزها على ما رسم له في الشرع فعليه الإثم . 
الثانية : في هذه الآية دليل على أن 
الدين إذا أوصى به الميت خرج به عن ذمته وحصل الولي مطلوبا به ، له الأجر في قضائه ، وعليه الوزر في تأخيره ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي    : وهذا إنما يصح إذا كان الميت لم يفرط في أدائه ، وأما إذا قدر عليه وتركه ثم وصى به فإنه لا يزيله عن ذمته تفريط الولي فيه . 
الثالثة : ولا خلاف أنه إذا أوصى بما لا يجوز ، مثل أن 
يوصي بخمر أو خنزير أو شيء من المعاصي أنه يجوز تبديله ولا يجوز إمضاؤه ، كما لا يجوز إمضاء ما زاد على الثلث ، قاله 
أبو عمر    . 
الرابعة : قوله تعالى : 
إن الله سميع عليم صفتان لله تعالى لا يخفى معهما شيء من جنف الموصين وتبديل المعتدين .