قوله تعالى : 
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب 
فيه إحدى عشرة مسألة : 
الأولى : 
قوله تعالى : زين للناس زين من التزيين واختلف الناس من المزين ; فقالت فرقة : الله زين ذلك ; وهو ظاهر قول 
عمر بن الخطاب    - رضي الله عنه - ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري    . وفي التنزيل : 
إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها   ; ولما قال 
عمر    : الآن يا رب حين زينتها لنا نزلت : 
قل أؤنبئكم بخير من ذلكم وقالت فرقة : المزين هو الشيطان ; وهو ظاهر قول 
الحسن  ، فإنه قال : من زينها ؟ ما أحد أشد لها ذما من خالقها . فتزيين الله تعالى إنما هو بالإيجاد والتهيئة للانتفاع وإنشاء الجبلة على الميل إلى هذه الأشياء . وتزيين الشيطان إنما هو بالوسوسة والخديعة وتحسين أخذها من غير وجوهها . والآية على كلا الوجهين ابتداء وعظ لجميع الناس ، وفي ضمن ذلك توبيخ لمعاصري
محمد    - صلى الله عليه وسلم - من 
اليهود  وغيرهم . وقرأ الجمهور زين على بناء الفعل للمفعول ، ورفع حب . وقرأ 
الضحاك  ومجاهد    " زين " على بناء الفعل للفاعل ، ونصب " حب " وحركت الهاء من الشهوات فرقا بين الاسم والنعت والشهوات جمع شهوة وهي معروفة ورجل شهوان للشيء ، وشيء شهي أي مشتهى واتباع الشهوات مرد وطاعتها مهلكة . وفي صحيح 
مسلم    : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831807حفت الجنة بالمكاره وحفت النار   [ ص: 27 ] بالشهوات رواه 
أنس  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفائدة هذا التمثيل أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره وبالصبر عليها . وأن النار لا ينجى منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها . وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831808طريق الجنة حزن بربوة وطريق النار سهل بسهوة . . .   ; وهو معنى قوله ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831807حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات   ) . أي طريق الجنة صعبة المسلك فيه أعلى ما يكون من الروابي ، وطريق النار سهل لا غلظ فيه ولا وعورة ، وهو معنى قوله ( سهل بسهوة ) وهو بالسين المهملة . 
الثانية : قوله تعالى : 
من النساء بدأ بهن لكثرة تشوف النفوس إليهن ; لأنهن حبائل الشيطان وفتنة الرجال . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831809ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ومسلم    . ففتنة النساء أشد من جميع الأشياء . ويقال : 
في النساء فتنتان ، وفي الأولاد فتنة واحدة   . فأما اللتان في النساء فإحداهما أن تؤدي إلى قطع الرحم ; لأن المرأة تأمر زوجها بقطعه عن الأمهات والأخوات ، والثانية يبتلى بجمع المال من الحلال والحرام وذلك لينال رضاهن . وأما البنون فإن الفتنة فيهم واحدة وهو ما ابتلي بجمع المال لأجلهم . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
لا تسكنوا نساءكم الغرف ولا تعلموهن الكتاب   . حذرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن في إسكانهن الغرف تطلعا إلى الرجال ، وليس في ذلك تحصين لهن ولا ستر ; لأنهن قد يشرفن على الرجال فتحدث الفتنة والبلاء ، ولأنهن قد خلقن من الرجل ; فهمتها في الرجل والرجل خلق فيه الشهوة وجعلت سكنا له ; فغير مأمون كل واحد منهما على صاحبه . وفي تعلمهن الكتاب هذا المعنى من الفتنة وأشد . وفي   
[ ص: 28 ] كتاب 
الشهاب  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500069أعروا النساء يلزمن الحجال   . فعلى الإنسان إذا لم يصبر في هذه الأزمان أن يبحث عن ذات الدين ليسلم له الدين ; قال - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831022عليك بذات الدين تربت يداك أخرجه 
مسلم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة    . وفي سنن 
ابن ماجه  عن 
عبد الله بن عمر  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831810لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ، ولكن تزوجوهن على الدين ، ولأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل   . 
الثالثة : قوله تعالى : 
والبنين عطف على ما قبله . وواحد من البنين ابن . قال الله تعالى مخبرا عن 
نوح    : 
إن ابني من أهلي   . وتقول في التصغير " بني " كما قال 
لقمان    . وفي الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=185للأشعث بن قيس    : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=838057هل لك من ابنة حمزة  من ولد ؟ قال : نعم ، لي منها غلام ولوددت أن لي به جفنة من طعام أطعمها من بقي من بني جبلة    . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لئن قلت ذلك إنهم لثمرة القلوب وقرة الأعين وإنهم مع ذلك لمجبنة مبخلة محزنة   . 
الرابعة : قوله تعالى : 
والقناطير القناطير جمع قنطار ، كما قال تعالى : 
وآتيتم إحداهن قنطارا وهو العقدة الكبيرة من المال ، وقيل : هو اسم للمعيار الذي يوزن به ; كما   
[ ص: 29 ] هو الرطل والربع . ويقال لما بلغ ذلك الوزن : هذا قنطار ، أي يعدل القنطار . والعرب تقول : قنطر الرجل إذا بلغ ماله أن يوزن بالقنطار . وقال 
الزجاج    : القنطار مأخوذ من عقد الشيء وإحكامه ; تقول العرب : قنطرت الشيء إذا أحكمته ; ومنه سميت القنطرة لإحكامها . قال 
طرفة    : 
كقنطرة الرومي أقسم ربها لتكتنفن حتى تشاد بقرمد 
والقنطرة المعقودة ; فكأن القنطار عقد مال . واختلف العلماء في تحرير حده كم هو على أقوال عديدة ; فروى 
أبي بن كعب  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : 
القنطار ألف أوقية ومائتا أوقية   ; وقال بذلك 
معاذ بن جبل   nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر   nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة  وجماعة من العلماء . قال 
ابن عطية    : " وهو أصح الأقوال ، لكن القنطار على هذا يختلف باختلاف البلاد في قدر الأوقية " . وقيل : اثنا عشر ألف أوقية ; أسنده البستي في مسنده الصحيح عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831812القنطار اثنا عشر ألف أوقية الأوقية خير مما بين السماء والأرض   . وقال بهذا القول 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة  أيضا . وفي مسند 
أبي محمد الدارمي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري  قال : " 
من قرأ في ليلة عشر آيات كتب من الذاكرين ، ومن قرأ بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قرأ بخمسمائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر " قيل : وما القنطار ؟ قال : " ملء مسك ثور ذهبا "   . موقوف ; وقال به 
 nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة العبدي    . وذكر 
ابن سيده  أنه هكذا بالسريانية . وقال 
النقاش  عن 
ابن الكلبي  أنه هكذا بلغة 
الروم    . وقال 
ابن عباس  والضحاك  والحسن    : ألف ومائتا مثقال من الفضة ; ورفعه 
الحسن    . وعن 
ابن عباس    : اثنا عشر ألف درهم من الفضة ، ومن الذهب ألف دينار دية الرجل المسلم ; وروي عن 
الحسن  والضحاك    . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب    : ثمانون ألفا . 
قتادة    : مائة رطل من الذهب أو ثمانون ألف درهم من الفضة . وقال 
أبو حمزة الثمالي    : القنطار 
بإفريقية  والأندلس  ثمانية آلاف مثقال من ذهب أو فضة . 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي    : أربعة آلاف مثقال . 
مجاهد    : سبعون ألف مثقال ; وروي عن 
ابن عمر    . وحكى 
مكي  قولا أن القنطار أربعون أوقية من ذهب أو فضة ; وقاله 
ابن سيده  في المحكم ، وقال : القنطار بلغة بربر ألف مثقال . وقال 
الربيع بن أنس    :   
[ ص: 30 ] القنطار المال الكثير بعضه على بعض ; وهذا هو المعروف عند العرب ، ومنه قوله : 
وآتيتم إحداهن قنطارا أي مالا كثيرا . ومنه الحديث : ( 
إن صفوان بن أمية  قنطر في الجاهلية وقنطر أبوه   ) أي صار له قنطار من المال . وعن 
الحكم  هو ما بين السماء والأرض . واختلفوا في معنى " المقنطرة " فقال 
الطبري  وغيره : معناه المضعفة ، وكأن القناطير ثلاثة والمقنطرة تسع . وروي عن 
الفراء  أنه قال : القناطير جمع القنطار ، والمقنطرة جمع الجمع ، فيكون تسع قناطير . 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي    : المقنطرة المضروبة حتى صارت دنانير أو دراهم . 
مكي    : المقنطرة المكملة ; وحكاه 
الهروي    ; كما يقال : بدر مبدرة ، وآلاف مؤلفة . وقال بعضهم . ولهذا سمي البناء القنطرة لتكاثف البناء بعضه على بعض . 
ابن كيسان  والفراء    : لا تكون المقنطرة أقل من تسع قناطير . وقيل : المقنطرة إشارة إلى حضور المال وكونه عتيدا . وفي صحيح 
البستي  عن 
عبد الله بن عمر  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=830021من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين   . 
الخامسة : قوله تعالى : 
من الذهب والفضة الذهب ، مؤنثة ; يقال : هي الذهب الحسنة جمعها ذهاب وذهوب . ويجوز أن يكون جمع ذهبة ، ويجمع على الأذهاب . وذهب فلان مذهبا حسنا . والذهب : مكيال 
لأهل اليمن     . ورجل ذهب إذا رأى معدن الذهب فدهش . والفضة معروفة ، وجمعها فضض . فالذهب مأخوذة من الذهاب ، والفضة مأخوذة من انفض الشيء تفرق ; ومنه فضضت القوم فانفضوا ، أي فرقتهم فتفرقوا . وهذا الاشتقاق يشعر بزوالهما وعدم ثبوتهما كما هو مشاهد في الوجود . ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى قول بعضهم : 
النار آخر دينار نطقت به     والهم آخر هذا الدرهم الجاري 
والمرء بينهما إن كان ذا ورع     معذب القلب بين الهم والنار 
السادسة : قوله تعالى : 
والخيل الخيل مؤنثة . قال 
ابن كيسان    : حدثت عن 
أبي عبيدة  أنه قال : واحد الخيل خائل ، مثل طائر وطير ، وضائن وضين ; وسمي الفرس بذلك لأنه يختال في مشيه . وقال غيره : هو اسم جمع لا واحد له من لفظه واحده فرس كالقوم والرهط والنساء والإبل ونحوها . وفي الخبر من حديث 
علي  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : 
إن الله خلق الفرس من الريح ولذلك جعلها تطير بلا جناح   . 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه    : خلقها من ريح الجنوب . قال 
وهب    :   
[ ص: 31 ] فليس تسبيحة ولا تكبيرة ولا تهليلة يكبرها صاحبها إلا وهو يسمعها فيجيبه بمثلها . وسيأتي لذكر الخيل ووصفها في سورة " الأنفال " ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى . وفي الخبر : ( إن الله عرض على 
آدم  جميع الدواب ، فقيل له : اختر منها واحدا فاختار الفرس ; فقيل له : اخترت عزك ) ; فصار اسمه الخير من هذا الوجه . وسميت خيلا لأنها موسومة بالعز فمن ركبه اعتز بنحلة الله له ويختال به على أعداء الله تعالى . وسمي فرسا لأنه يفترس مسافات الجو افتراس الأسد وثبانا ، ويقطعها كالالتهام بيديه على شيء خبطا وتناولا ، وسمي عربيا لأنه جيء به من بعد 
آدم  لإسماعيل  جزاء عن رفع قواعد البيت ، 
وإسماعيل  عربي ، فصار له نحلة من الله تعالى فسمي عربيا . وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : 
لا يدخل الشيطان دارا فيها فرس عتيق   . وإنما سمي عتيقا لأنه قد تخلص من الهجانة . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831815خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم ثم الأقرح المحجل طلق اليمين فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية   . أخرجه 
الترمذي  عن أبي 
قتادة    . وفي مسند 
الدارمي  عنه 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831816أن رجلا قال : يا رسول الله ، إني أريد أن أشتري فرسا فأيها أشتري ؟ قال : اشتر أدهم أرثم محجلا طلق اليمين أو من الكميت على هذه الشية تغنم وتسلم   . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  عن 
أنس  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831817لم يكن أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد النساء من الخيل   . 
وروى الأئمة عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831818الخيل ثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، ولرجل وزر . . . الحديث بطوله ، شهرته أغنت عن ذكره . وسيأتي ذكر أحكام الخيل في " الأنفال " و " النحل " بما فيه كفاية إن شاء الله تعالى . 
السابعة : قوله تعالى : 
المسومة يعني الراعية في المروج والمسارح ; قاله 
سعيد بن جبير    . يقال : سامت الدابة والشاة إذا سرحت تسوم سوما فهي سائمة . وأسمتها أنا إذا تركتها   
[ ص: 32 ] لذلك فهي مسامة . وسومتها تسويما فهي مسومة . وفي سنن 
ابن ماجه  عن علي قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831819نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السوم قبل طلوع الشمس ، وعن ذبح ذوات الدر السوم هنا في معنى الرعي ، وقال الله عز وجل : 
فيه تسيمون قال 
الأخطل    : 
مثل ابن بزعة أو كآخر مثله     أولى لك ابن مسيمة الأجمال 
أراد ابن راعية الإبل . والسوام : كل بهيمة ترعى ، وقيل : المعدة للجهاد ; قاله 
ابن زيد    . 
مجاهد    : المسومة المطهمة الحسان . وقال 
عكرمة    : سومها 
الحسن    ; واختاره 
النحاس  ، من قولهم : رجل وسيم . وروي عن 
ابن عباس  أنه قال : المسومة المعلمة بشيات الخيل في وجوهها من السيما وهي العلامة . وهذا مذهب 
الكسائي  وأبي عبيدة    . 
قلت : كل ما ذكر يحتمله اللفظ ، فتكون راعية معدة حسانا معلمة لتعرف من غيرها . قال 
أبو زيد    : أصل ذلك أن تجعل عليها صوفة أو علامة تخالف سائر جسدها لتبين من غيرها في المرعى . وحكى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس  اللغوي في مجمله : المسومة المرسلة وعليها ركبانها . وقال المؤرج : المسومة المكوية ، 
المبرد    : المعروفة في البلدان . 
ابن كيسان    : البلق . وكلها متقارب من السيما . قال 
النابغة    : 
وضمر كالقداح مسومات     عليها معشر أشباه جن 
الثامنة : قوله تعالى : 
والأنعام قال 
ابن كيسان    : إذا قلت نعم لم تكن إلا للإبل ، فإذا قلت : أنعام وقعت للإبل وكل ما يرعى . قال 
الفراء    : هو مذكر ولا يؤنث ; يقولون هذا نعم وارد ، ويجمع أنعاما . قال 
الهروي    : والنعم يذكر ويؤنث ، والأنعام المواشي من الإبل والبقر والغنم ; ، وإذا قيل : النعم فهو الإبل خاصة . وقال 
حسان    : 
وكانت لا يزال بها أنيس     خلال مروجها نعم وشاء 
 [ ص: 33 ] وفي سنن 
ابن ماجه  عن 
عروة البارقي  يرفعه قال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831820الإبل عز لأهلها والغنم بركة والخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة   ) . وفيه عن 
ابن عمر  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831821الشاة من دواب الجنة   . وفيه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأغنياء باتخاذ الغنم ، والفقراء باتخاذ الدجاج . وقال : عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله تعالى بهلاك القرى . وفيه عن 
أم هانئ  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831822اتخذي غنما فإن فيها بركة   . أخرجه عن 
أبي بكر بن أبي شيبة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  عن أبيه عن 
أم هانئ  ، إسناد صحيح . 
التاسعة : قوله تعالى : 
والحرث الحرث هنا اسم لكل ما يحرث ، وهو مصدر سمي به ; تقول : حرث الرجل حرثا إذا أثار الأرض لمعنى الفلاحة ; فيقع اسم الحراثة على زرع الحبوب وعلى الجنات وعلى غير ذلك من نوع الفلاحة . وفي الحديث : 
احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا   . يقال حرثت واحترثت . وفي حديث 
عبد الله    ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831823احرثوا هذا القرآن   ) أي فتشوه . قال 
ابن الأعرابي    : الحرث التفتيش ; وفي الحديث : ( 
أصدق الأسماء الحارث   ) لأن الحارث هو الكاسب ، واحتراث المال كسبه ، والمحراث مسعر النار والحراث مجرى الوتر في القوس ، والجمع أحرثة ، وأحرث الرجل ناقته أهزلها . وفي حديث 
معاوية    : ما فعلت نواضحكم ؟ قالوا : حرثناها يوم 
بدر    . قال 
أبو عبيد    : يعنون هزلناها ; يقال : حرثت الدابة وأحرثتها ، لغتان . وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة الباهلي  قال وقد رأى سكة وشيئا من   
[ ص: 34 ] آلة الحرث فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831825لا يدخل هذا بيت قوم إلا دخله الذل   . قيل : إن الذل هنا ما يلزم أهل الشغل بالحرث من حقوق الأرض التي يطالبهم بها الأئمة والسلاطين . وقال 
المهلب    : معنى قوله في هذا الحديث - والله أعلم - الحض على معالي الأحوال وطلب الرزق من أشرف الصناعات ; وذلك لما خشي النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته من الاشتغال بالحرث وتضييع ركوب الخيل والجهاد في سبيل الله ; لأنهم إن اشتغلوا بالحرث غلبتهم الأمم الراكبة للخيل المتعيشة من مكاسبها ; فحضهم على التعيش من الجهاد لا من الخلود إلى عمارة الأرض ولزوم المهنة . ألا ترى أن 
عمر  قال : تمعددوا واخشوشنوا واقطعوا الركب وثبوا على الخيل وثبا لا تغلبنكم عليها رعاة الإبل . فأمرهم بملازمة الخيل ، ورياضة أبدانهم بالوثوب عليها . وفي الصحيحين عن 
أنس بن مالك  قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831826ما من مسلم غرس غرسا أو زرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة   . 
قال العلماء : ذكر الله تعالى أربعة أصناف من المال ، كل نوع من المال يتمول به صنف من الناس ; أما الذهب والفضة فيتمول بها التجار ، وأما الخيل المسومة فيتمول بها الملوك ، وأما الأنعام فيتمول بها أهل البوادي ، وأما الحرث فيتمول بها أهل الرساتيق . فتكون فتنة كل صنف في النوع الذي يتمول ، فأما
النساء والبنون ففتنة للجميع   . 
العاشرة : قوله تعالى : 
ذلك متاع الحياة الدنيا أي ما يتمتع به فيها ثم يذهب ولا يبقى . وهذا منه تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة . روى 
ابن ماجه  وغيره عن 
عبد الله بن عمر  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831827إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة   . وفي الحديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831828ازهد في الدنيا يحبك الله أي في متاعها من الجاه والمال   
[ ص: 35 ] الزائد على الضروري . قال - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831829ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال بيت يسكنه وثوب يواري عورته وجلف الخبز والماء أخرجه 
الترمذي  من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معديكرب    . وسئل 
سهل بن عبد الله    : بم يسهل على العبد ترك الدنيا وكل الشهوات ؟ قال : بتشاغله بما أمر به . 
الحادية عشرة : 
والله عنده حسن المآب ابتداء وخبر . والمآب المرجع ; آب يئوب إيابا إذا رجع ; قال يئوب إيابا إذا رجع ; قال 
امرؤ القيس    : 
وقد طوفت في الآفاق حتى     رضيت من الغنيمة بالإياب 
وقال آخر : 
وكل ذي غيبة يئوب     وغائب الموت لا يئوب 
وأصل مآب مأوب ، قلبت حركة الواو إلى الهمزة وأبدل من الواو ألف ، مثل مقال . ومعنى الآية 
تقليل الدنيا وتحقيرها والترغيب في حسن المرجع إلى الله تعالى في الآخرة   .