قوله تعالى : 
قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون  [ ص: 100 ] فيه ثلاث مسائل : 
الأولى : قوله تعالى : 
قل يا أهل الكتاب الخطاب في قول 
الحسن  وابن زيد   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  لأهل 
نجران    . وفي قول 
قتادة   nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج  وغيرهما 
ليهود  المدينة  ، خوطبوا بذلك لأنهم جعلوا أحبارهم في الطاعة لهم كالأرباب . وقيل : هو 
لليهود  والنصارى  جميعا . وفي 
كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل    " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831880بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد  رسول الله إلى هرقل  عظيم الروم  سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، ويا أهل الكتاب  تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ، إلى قوله : فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون   . لفظ 
مسلم    . والسواء العدل والنصفة ; قاله 
قتادة    . وقال 
زهير    : 
أروني خطة لا ضيم فيها يسوي بيننا فيها السواء 
الفراء    : ويقال في معنى العدل سوى وسوى ، فإذا فتحت السين مددت وإذا كسرت أو ضممت قصرت ; كقوله تعالى : ( مكانا سوى ) . قال : وفي قراءة 
عبد الله    " إلى كلمة عدل بيننا وبينكم " وقرأ 
قعنب    ( كلمة ) بإسكان اللام ، ألقى حركة اللام على الكاف ; كما يقال : كبد . فالمعنى أجيبوا إلى ما دعيتم إليه ، وهو الكلمة العادلة المستقيمة التي ليس فيها ميل عن الحق . 
وقد فسرها بقوله تعالى : 
ألا نعبد إلا الله فموضع " أن " خفض على البدل من ( كلمة ) ، أو رفع على إضمار مبتدأ ، التقدير هي أن لا نعبد إلا الله . أو تكون مفسرة لا موضع لها ، ويجوز مع ذلك في ( نعبد ) وما عطف عليه الرفع والجزم : فالجزم على أن تكون " أن " مفسرة بمعنى أي ; كما قال عز وجل : أن امشوا وتكون " لا " جازمة . هذا مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه    . ويجوز على هذا أن ترفع ( نعبد ) وما بعده يكون خبرا . ويجوز الرفع بمعنى أنه لا نعبد ; ومثله 
ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا   . وقال 
الكسائي  والفراء    : ( ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ ) بالجزم على التوهم أنه ليس في أول الكلام ( أن ) . 
الثانية : قوله تعالى : 
ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله أي لا نتبعه في تحليل شيء أو تحريمه إلا فيما حلله الله تعالى . وهو نظير قوله تعالى : 
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله  [ ص: 101 ] معناه أنهم أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لما لم يحرمه الله ولم يحله الله . وهذا يدل على بطلان 
القول بالاستحسان المجرد الذي لا يستند إلى دليل شرعي   ; قال 
الكيا الطبري    : مثل استحسانات 
أبي حنيفة  في التقديرات التي قدرها دون مستندات بينة . وفيه رد على 
الروافض  الذين يقولون : يجب قبول قول الإمام دون إبانة مستند شرعي ، وإنه يحل ما حرمه الله من غير أن يبين مستندا من الشريعة . وأرباب جمع رب . و ( دون ) هنا بمعنى غير . 
الثالثة قوله تعالى : فإن تولوا أي أعرضوا عما دعوا إليه . 
فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون أي متصفون بدين الإسلام منقادون لأحكامه معترفون بما لله علينا في ذلك من المنن والإنعام ، غير متخذين أحدا ربا لا 
عيسى  ولا 
عزيرا  ولا الملائكة ; لأنهم بشر مثلنا محدث كحدوثنا ، ولا نقبل من الرهبان شيئا بتحريمهم علينا ما لم يحرمه الله علينا ، فنكون قد اتخذناهم أربابا . 
وقال 
عكرمة    : معنى يتخذ يسجد . وقد تقدم أن السجود كان إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - 
معاذا  لما أراد أن يسجد ; كما مضى في البقرة بيانه . وروى 
أنس بن مالك  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831881قلنا يا رسول الله ، أينحني بعضنا لبعض ؟ قال ( لا ) قلنا : أيعانق بعضنا بعضا ؟ قال ( لا ولكن تصافحوا ) أخرجه 
ابن ماجه  في سننه . وسيأتي لهذا المعنى زيادة بيان في سورة ( يوسف ) إن شاء الله ، وفي " الواقعة " مس القرآن أو بعضه على غير طهارة إن شاء الله تعالى .