1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة آل عمران
  4. قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون
صفحة جزء
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون

قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا هذا النهي عن أكل الربا اعتراض بين أثناء قصة أحد . قال ابن عطية : ولا أحفظ في ذلك شيئا مرويا .

قلت : قال مجاهد : كانوا يبيعون البيع إلى أجل ، فإذا حل الأجل زادوا في الثمن على أن يؤخروا ; فأنزل الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة قلت وإنما خص الربا من بين سائر المعاصي ; لأنه الذي أذن الله فيه بالحرب في قوله : فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله والحرب يؤذن بالقتل ; فكأنه يقول : إن لم تتقوا الربا هزمتم [ ص: 192 ] وقتلتم . فأمرهم بترك الربا ; لأنه كان معمولا به عندهم ، والله أعلم . و ( أضعافا ) نصب على الحال و ( مضاعفة ) نعته . وقرئ " مضعفة " ومعناه : الربا الذي كانت العرب تضعف فيه الدين فكان الطالب يقول : أتقضي أم تربي ؟ كما تقدم في " البقرة " . و ( مضاعفة ) إشارة إلى تكرار التضعيف عاما بعد عام كما كانوا يصنعون ; فدلت هذه العبارة المؤكدة على شنعة فعلهم وقبحه ، ولذلك ذكرت حالة التضعيف خاصة .

قوله تعالى : واتقوا الله أي في أموال الربا فلا تأكلوها . ثم خوفهم فقال : واتقوا النار التي أعدت للكافرين قال كثير من المفسرين : وهذا الوعيد لمن استحل الربا ، ومن استحل الربا فإنه يكفر ويكفر . وقيل : معناه اتقوا العمل الذي ينزع منكم الإيمان فتستوجبون النار ; لأن من الذنوب ما يستوجب به صاحبه نزع الإيمان ويخاف عليه ; من ذلك عقوق الوالدين . وقد جاء في ذلك أثر أن رجلا كان عاقا لوالديه يقال له علقمة ; فقيل له عند الموت : قل لا إله إلا الله ، فلم يقدر على ذلك حتى جاءته أمه فرضيت عنه . ومن ذلك قطيعة الرحم وأكل الربا والخيانة في الأمانة وذكر أبو بكر الوراق عن أبي حنيفة أنه قال : أكثر ما ينزع الإيمان من العبد عند الموت . ثم قال أبو بكر : فنظرنا في الذنوب التي تنزع الإيمان فلم نجد شيئا أسرع نزعا للإيمان من ظلم العباد . وفي هذه الآية دليل على أن النار مخلوقة ردا على الجهمية ; لأن المعدوم لا يكون معدا . ثم قال : وأطيعوا الله يعني أطيعوا الله في الفرائض والرسول في السنن : وقيل : أطيعوا الله في تحريم الربا والرسول فيما بلغكم من التحريم . لعلكم ترحمون أي كي يرحمكم الله . وقد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية