[ ص: 172 ]  ( 
وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا  ( 55 ) 
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا  ( 56 ) ) . 
يخبر تعالى عن 
تمرد الكفرة في قديم الزمان وحديثه ، وتكذيبهم بالحق البين الظاهر مع ما يشاهدون من الآيات [ والآثار ] والدلالات الواضحات ، وأنه ما منعهم من اتباع ذلك إلا طلبهم أن يشاهدوا العذاب الذي وعدوا به عيانا ، كما قال أولئك لنبيهم : ( 
فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين  ) [ الشعراء : 187 ] ، وآخرون قالوا : ( 
ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين  ) [ العنكبوت : 29 ] ، وقالت قريش : ( 
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم  ) [ الأنفال : 32 ] ، ( 
وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين  ) [ الحجر : 7 ، 6 ] إلى غير ذلك [ من الآيات الدالة على ذلك ] . 
ثم قال : ( 
إلا أن تأتيهم سنة الأولين  ) من غشيانهم بالعذاب وأخذهم عن آخرهم ، ( 
أو يأتيهم العذاب قبلا  ) أي : يرونه عيانا مواجهة [ ومقابلة ] ، ثم قال : ( 
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا  ) أي : قبل العذاب مبشرين من صدقهم وآمن بهم ، ومنذرين من كذبهم وخالفهم . 
ثم أخبر عن الكفار بأنهم يجادلون بالباطل ) ليدحضوا به ) أي : ليضعفوا به ) الحق ) الذي جاءتهم به الرسل ، وليس ذلك بحاصل لهم . ( 
واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا  ) أي : اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث بها الرسل وما أنذروهم وخوفوهم به من العذاب ) هزوا ) أي : سخروا منهم في ذلك ، وهو أشد التكذيب .