[ ص: 191 ]  ( 
فأتبع سببا  ( 85 ) 
حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا  ( 86 ) 
قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا  ( 87 ) 
وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا  ( 88 ) ) . 
قال 
ابن عباس   : ( 
فأتبع سببا  ) يعني : بالسبب المنزل ] . وقال 
مجاهد   : ( 
فأتبع سببا  ) : منزلا وطريقا ما بين المشرق والمغرب . 
وفي رواية عن 
مجاهد   : ( سببا ) قال : طريقا في الأرض . 
وقال 
قتادة   : أي أتبع منازل الأرض ومعالمها . 
وقال 
الضحاك   : ( 
فأتبع سببا  ) أي المنازل . 
وقال 
سعيد بن جبير  في قوله : ( 
فأتبع سببا  ) قال : علما . وهكذا قال 
عكرمة  وعبيد بن يعلى  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي   . 
وقال مطر : معالم وآثار كانت قبل ذلك . 
وقوله : ( 
حتى إذا بلغ مغرب الشمس  ) أي : فسلك طريقا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب ، وهو مغرب الأرض . وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر ، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له . وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب ، واختلاق زنادقتهم وكذبهم 
وقوله : ( 
وجدها تغرب في عين حمئة  ) أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه . 
والحمئة مشتقة على إحدى القراءتين من " الحمأة " وهو الطين ، كما قال تعالى : ( 
إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون  ) [ الحجر : 28 ] أي طين أملس . وقد تقدم بيانه . 
وقال 
ابن جرير   : حدثني 
يونس ،  أخبرنا 
ابن وهب  حدثني 
نافع بن أبي نعيم  ، سمعت 
عبد الرحمن الأعرج  يقول : كان ابن عباس يقول ( 
في عين حمئة  ) ثم فسرها : ذات حمأة . قال 
نافع   : وسئل عنها 
كعب الأحبار  فقال : أنتم أعلم بالقرآن مني ، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء . 
وكذا روى غير واحد عن 
ابن عباس  ، وبه قال 
مجاهد  وغير واحد . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي   : حدثنا 
محمد بن دينار  ، عن 
سعد بن أوس  ، عن 
مصدع ،  عن ابن  
[ ص: 192 ] عباس ، عن 
أبي بن كعب  ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه ( 
حمئة  ) 
وقال 
علي بن أبي طلحة  عن 
ابن عباس   : " وجدها تغرب في عين حامية " يعني حارة . وكذا قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري   . 
وقال 
ابن جرير   : والصواب أنهما قراءتان مشهورتان وأيهما قرأ القارئ فهو مصيب . 
قلت : ولا منافاة بين معنييهما ؛ إذ قد تكون حارة لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها ، وملاقاتها الشعاع بلا حائل و ( 
حمئة  ) في ماء وطين أسود ، كما قال كعب الأحبار وغيره . 
وقال 
ابن جرير   : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون  ، أخبرنا 
العوام ،  حدثني مولى لعبد الله بن عمرو ، عن عبد الله قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت ، فقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=821961 " في نار الله الحامية [ في نار الله الحامية ] ، لولا ما يزعها من أمر الله ، لأحرقت ما على الأرض "  . 
قلت : ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون   . وفي صحة رفع هذا الحديث نظر ، ولعله من كلام 
عبد الله بن عمرو  ، من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك ، والله أعلم . 
وقال 
ابن أبي حاتم   : حدثنا 
حجاج بن حمزة  ، حدثنا 
محمد - يعني ابن بشر   - حدثنا 
عمرو بن ميمون  ، أنبأنا 
ابن حاضر  ، أن 
ابن عباس  ذكر له أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان  قرأ الآية التي في سورة الكهف " تغرب في عين حامية " قال 
ابن عباس  لمعاوية  ما نقرؤها إلا ( 
حمئة  ) فسأل 
معاوية  عبد الله بن عمرو  كيف تقرؤها : فقال عبد الله : كما قرأتها . قال 
ابن عباس   : فقلت 
لمعاوية   : في بيتي نزل القرآن ؟ فأرسل إلى 
كعب  فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ [ فقال له 
كعب   : سل أهل العربية ، فإنهم أعلم بها ، وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة ] في ماء وطين . وأشار بيده إلى المغرب . قال ابن حاضر : لو أني عندكما أفدتك بكلام تزداد فيه بصيرة في حمئة . قال 
ابن عباس   : وإذا ما هو ؟ قلت : فيما يؤثر من قول تبع ، فيما ذكر به ذا القرنين في تخلقه بالعلم واتباعه إياه : 
بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشد     فرأى مغيب الشمس عند غروبها 
في عين ذي خلب وثأط حرمد 
قال 
ابن عباس   : ما الخلب ؟ قلت : الطين بكلامهم . [ يعني بكلام حمير ] . قال : ما الثاط ؟  
[ ص: 193 ] قلت : الحمأة . قال : فما الحرمد ؟ قلت : الأسود . قال : فدعا 
ابن عباس  رجلا أو غلاما فقال : اكتب ما يقول هذا الرجل . 
وقال 
سعيد بن جبير   : بينا 
ابن عباس  يقرأ سورة الكهف فقرأ : ( 
وجدها تغرب في عين حمئة  ) فقال 
كعب   : والذي نفس 
كعب  بيده ما سمعت أحدا يقرؤها كما أنزلت في التوراة غير 
ابن عباس  ، فإنا نجدها في التوراة : تغرب في مدرة سوداء . 
وقال 
أبو يعلى الموصلي   : حدثنا 
إسحاق بن أبي إسرائيل  ، حدثنا 
هشام بن يوسف  قال : في تفسير 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   ( 
ووجد عندها قوما  ) قال : مدينة لها اثنا عشر ألف باب ، لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب . 
وقوله : ( 
ووجد عندها قوما  ) أي أمة من الأمم ، ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم . 
وقوله : ( 
قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا  ) معنى هذا : أن الله تعالى مكنه منهم وحكمه فيهم ، وأظفره بهم وخيره : إن شاء قتل وسبى ، وإن شاء من أو فدى . فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه 
في قوله : ( 
أما من ظلم  ) أي : من استمر على كفره وشركه بربه ( 
فسوف نعذبه  ) قال 
قتادة   : بالقتل : وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : كان يحمي لهم بقر النحاس ويضعهم فيها حتى يذوبوا . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه   : كان يسلط الظلمة ، فتدخل أفواههم وبيوتهم ، وتغشاهم من جميع جهاتهم والله أعلم . 
وقوله : ( 
ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا  ) أي : شديدا بليغا وجيعا أليما . وفيه إثبات المعاد والجزاء . 
وقوله : ( وأما من آمن ) أي : تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ( 
فله جزاء الحسنى  ) أي : في الدار الآخرة عند الله - عز وجل - ( 
وسنقول له من أمرنا يسرا  ) قال 
مجاهد   : معروفا .