( 
لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون  ( 10 ) ) 
( 
وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين  ( 11 ) 
فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون  ( 12 ) 
لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون  ( 13 ) 
قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين  ( 14 ) 
فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين  ( 15 ) ) . 
يقول تعالى منبها على شرف القرآن ، ومحرضا لهم على معرفة قدره : ( 
لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم  ) قال 
ابن عباس   : شرفكم . 
وقال 
مجاهد   : حديثكم . وقال 
الحسن   : دينكم .  
[ ص: 335 ] 
( 
وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون  ) [ الزخرف : 44 ] . 
وقوله : ( 
وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة  ) هذه صيغة تكثير ، كما قال ( 
وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح  ) [ الإسراء : 17 ] . 
وقال تعالى : ( 
فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد  ) [ الحج : 45 ] . وقوله : ( 
وأنشأنا بعدها قوما آخرين  ) أي : أمة أخرى بعدهم . 
( 
فلما أحسوا بأسنا  ) أي : تيقنوا أن العذاب واقع بهم ، كما وعدهم نبيهم ، ( 
إذا هم منها يركضون  ) أي : يفرون هاربين . 
( 
لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم  ) هذا تهكم بهم قدرا أي : قيل لهم قدرا : لا تركضوا هاربين من نزول العذاب ، وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور ، والمعيشة والمساكن الطيبة . 
قال 
قتادة   : استهزاء بهم . 
( 
لعلكم تسألون  ) أي : عما كنتم فيه من أداء شكر النعمة . 
( 
قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين  ) اعترفوا بذنوبهم حين لا ينفعهم ذلك ، ( 
فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين  ) أي : ما زالت تلك المقالة ، وهي الاعتراف بالظلم ، هجيراهم حتى حصدناهم حصدا وخمدت حركاتهم وأصواتهم خمودا .