( 
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين  ( 16 ) 
لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين  ( 17 ) 
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون  ( 18 ) 
وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون  ( 19 ) 
يسبحون الليل والنهار لا يفترون  ( 20 ) ) . 
يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق ، أي : بالعدل والقسط ، ( 
ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى  ) [ النجم : 31 ] ، وأنه لم يخلق ذلك عبثا ولا لعبا ، كما قال : ( 
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار  ) [ ص : 27 ] 
- وقوله تعالى : ( 
لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين  ) قال 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد   : ( 
لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا  ) يعني : من عندنا ، يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ، ولا موتا ، ولا بعثا ، ولا حسابا . 
وقال 
الحسن ،  وقتادة ،  وغيرهما : ( 
لو أردنا أن نتخذ لهوا  ) اللهو : المرأة بلسان أهل اليمن .  
[ ص: 336 ] وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي   : ( 
لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه  ) من الحور العين . 
وقال 
عكرمة   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي   : المراد باللهو هاهنا : الولد . 
وهذا والذي قبله متلازمان ، وهو كقوله تعالى : ( 
لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه  ) [ الزمر : 4 ] ، فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ، لا سيما عما يقولون من الإفك والباطل ، من اتخاذ 
عيسى ،  أو العزير أو الملائكة ، ( 
سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا  ) [ الإسراء : 43 ] . 
وقوله : ( 
إن كنا فاعلين  ) قال 
قتادة ،   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،   nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،   nindex.php?page=showalam&ids=17127ومغيرة بن مقسم ،  أي : ما كنا فاعلين . 
وقال 
مجاهد   : كل شيء في القرآن " إن " فهو إنكار . 
وقوله : ( 
بل نقذف بالحق على الباطل  ) أي : نبين الحق فيدحض الباطل; ولهذا قال : ( 
فيدمغه فإذا هو زاهق  ) أي : ذاهب مضمحل ، ( 
ولكم الويل  ) أي : أيها القائلون : لله ولد ، ( 
مما تصفون  ) أي : تقولون وتفترون . 
ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ، ودأبهم في طاعته ليلا ونهارا ، فقال : ( 
وله من في السماوات والأرض ومن عنده  ) يعني : الملائكة ، ( 
لا يستكبرون عن عبادته  ) أي : لا يستنكفون عنها ، كما قال : ( 
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا  ) [ النساء : 172 ] . 
وقوله : ( 
ولا يستحسرون  ) أي : لا يتعبون ولا يملون . 
( 
يسبحون الليل والنهار لا يفترون  ) فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا ، مطيعون قصدا وعملا قادرون عليه ، كما قال تعالى : ( 
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون  ) [ التحريم : 6 ] . 
وقال 
ابن أبي حاتم   : حدثنا 
علي بن أبي دلامة البغدادي ،  أنبأنا 
عبد الوهاب بن عطاء ،  حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16232صفوان بن محرز ،  عن 
حكيم بن حزام  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=825737بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، إذ قال لهم : " هل تسمعون ما أسمع؟ " قالوا : ما نسمع من شيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأسمع أطيط السماء ، وما تلام أن تئط ، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم " . غريب ولم يخرجوه . 
ثم رواه 
ابن أبي حاتم  من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ،  عن 
سعيد ،  عن 
قتادة  مرسلا . 
وقال 
أبو إسحاق  ، عن 
حسان بن مخارق ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16411عبد الله بن الحارث بن نوفل  قال : جلست إلى 
كعب الأحبار  وأنا غلام ، فقلت له : أرأيت قول الله [ للملائكة ] ( 
يسبحون الليل والنهار لا يفترون  )  
[ ص: 337 ] أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل؟ . فقال : فمن هذا الغلام؟ فقالوا : من 
بني عبد المطلب  ، قال : فقبل رأسي ، ثم قال لي : يا بني ، إنه جعل لهم التسبيح ، كما جعل لكم النفس ، أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس؟ .