1. الرئيسية
  2. تفسير ابن كثير
  3. تفسير سورة الحج
  4. تفسير قوله تعالى " ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام "
صفحة جزء
[ ص: 424 ] ( ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ( 34 ) الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( 35 ) ) .

يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعا في جميع الملل .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ) قال : عيدا .

وقال عكرمة : ذبحا . وقال زيد بن أسلم في قوله : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ) ، إنها مكة ، لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها .

[ وقوله ] : ( ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، فسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما .

وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا سلام بن مسكين ، عن عائذ الله المجاشعي ، عن أبي داود وهو نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم قال : قلت أو : قالوا : يا رسول الله ، ما هذه الأضاحي؟ قال : " سنة أبيكم إبراهيم " . قالوا : ما لنا منها؟ قال : " بكل شعرة حسنة " قالوا : فالصوف؟ قال : " بكل شعرة من الصوف حسنة " .

وأخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه في سننه ، من حديث سلام بن مسكين ، به .

وقوله : ( فإلهكم إله واحد فله أسلموا ) أي : معبودكم واحد ، وإن تنوعت شرائع الأنبياء ونسخ بعضها بعضا ، فالجميع يدعون إلى عبادة الله وحده ، لا شريك له ، ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] . ولهذا قال : ( فله أسلموا ) أي : أخلصوا واستسلموا لحكمه وطاعته .

( وبشر المخبتين ) : قال مجاهد : المطمئنين ، وقال الضحاك ، وقتادة : المتواضعين . وقال السدي : الوجلين . وقال عمرو بن أوس : المخبتون : الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا .

وقال الثوري : ( وبشر المخبتين ) قال : المطمئنين الراضين بقضاء الله ، المستسلمين له . [ ص: 425 ]

وأحسن ما يفسر بما بعده وهو قوله : ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) أي : خافت منه قلوبهم ، ( والصابرين على ما أصابهم ) أي : من المصائب .

قال الحسن البصري : والله لتصبرن أو لتهلكن .

( والمقيمي الصلاة ) : قرأ الجمهور بالإضافة . السبعة ، وبقية العشرة أيضا . وقرأ ابن السميقع : " والمقيمين الصلاة " بالنصب .

وقال الحسن البصري : ( والمقيمي الصلاة ) ، وإنما حذفت النون هاهنا تخفيفا ، ولو حذفت للإضافة لوجب خفض الصلاة ، ولكن على سبيل التخفيف فنصبت .

أي : المؤدين حق الله فيما أوجب عليهم من أداء فرائضه ، ( ومما رزقناهم ينفقون ) أي : وينفقون ما آتاهم الله من طيب الرزق على أهليهم وأرقائهم وقراباتهم ، وفقرائهم ومحاويجهم ، ويحسنون إلى خلق الله مع محافظتهم على حدود الله . وهذه بخلاف صفات المنافقين ، فإنهم بالعكس من هذا كله ، كما تقدم تفسيره في سورة " براءة " [ فلله الحمد والمنة ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية