( 
وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا  ( 41 ) 
إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا  ( 42 ) 
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا  ( 43 ) 
أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا  ( 44 ) )  
[ ص: 113 ] يخبر تعالى عن 
استهزاء المشركين بالرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، إذا رأوه ، كما قال : ( 
وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم  ) [ الأنبياء : 36 ] يعنونه بالعيب والنقص ، وقال هاهنا : ( 
وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا  ) ؟ أي : على سبيل التنقص والازدراء - قبحهم الله - كما قال : ( 
ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب  ) [ الرعد : 32 ] . 
وقولهم : ( 
إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها  ) يعنون : أنه كاد يثنيهم عن عبادة أصنامهم ، لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا على عبادتها . قال الله تعالى متوعدا لهم ومتهددا : ( 
وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا  ) . 
ثم قال تعالى لنبيه ، منبها له أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال ، فإنه لا يهديه أحد إلا الله . 
( 
أرأيت من اتخذ إلهه هواه  ) أي : مهما استحسن من شيء ورآه حسنا في هوى نفسه ، كان دينه ومذهبه ، كما قال تعالى : ( 
أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات  ) [ فاطر : 8 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( 
أفأنت تكون عليه وكيلا  ) . قال 
ابن عباس   : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول  . 
ثم قال : ( 
أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا  ) أي : أسوأ حالا من الأنعام السارحة ، فإن تلك تعقل ما خلقت له ، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له ، وهم يعبدون غيره ويشركون به ، مع قيام الحجة عليهم ، وإرسال الرسل إليهم .