( 
وأزلفت الجنة للمتقين  ( 90 ) 
وبرزت الجحيم للغاوين  ( 91 ) 
وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون  ( 92 ) 
من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون  ( 93 ) 
فكبكبوا فيها هم والغاوون  ( 94 ) 
وجنود إبليس أجمعون  ( 95 ) 
قالوا وهم فيها يختصمون  ( 96 ) 
تالله إن كنا لفي ضلال مبين  ( 97 ) 
إذ نسويكم برب العالمين  ( 98 ) 
وما أضلنا إلا المجرمون  ( 99 ) 
فما لنا من شافعين  ( 100 ) 
ولا صديق حميم  ( 101 ) 
فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين  ( 102 ) 
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين  ( 103 ) 
وإن ربك لهو العزيز الرحيم  ( 104 ) ) . 
( 
وأزلفت الجنة  ) أي : قربت الجنة وأدنيت من أهلها يوم القيامة مزخرفة مزينة لناظريها ، وهم المتقون الذين رغبوا فيها ، وعملوا لها [ عملها ] في الدنيا . 
( 
وبرزت الجحيم للغاوين  ) أي :  
[ ص: 150 ] أظهرت وكشف عنها ، وبدت منها عنق ، فزفرت زفرة بلغت منها القلوب [ إلى ] الحناجر ، وقيل لأهلها تقريعا وتوبيخا : ( 
أين ما كنتم تعبدون  . 
من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون  ) أي : ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله ، من تلك الأصنام والأنداد تغني عنكم اليوم شيئا ، ولا تدفع عن أنفسها ; فإنكم وإياها اليوم حصب جهنم أنتم لها واردون . 
وقوله : ( 
فكبكبوا فيها هم والغاوون  ) قال 
مجاهد   : يعني : فدهوروا فيها . 
وقال غيره : كببوا فيها . والكاف مكررة ، كما يقال : صرصر . والمراد : أنه ألقي بعضهم على بعض ، من الكفار وقادتهم الذين دعوهم إلى الشرك . 
( 
وجنود إبليس أجمعون  ) أي : ألقوا فيها عن آخرهم . 
( 
قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين  ) أي : يقول الضعفاء للذين استكبروا : ( 
إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار  ) [ غافر : 47 ] . ويقولون وقد عادوا على أنفسهم بالملامة : ( 
تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين  ) أي : نجعل أمركم مطاعا كما يطاع أمر رب العالمين ، وعبدناكم مع رب العالمين . 
( 
وما أضلنا إلا المجرمون  ) أي : ما دعانا إلى ذلك إلا المجرمون . 
( 
فما لنا من شافعين  ) قال بعضهم : يعني من الملائكة ، كما يقولون : ( 
فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل  ) [ الأعراف : 53 ] . وكذا قالوا : ( 
فما لنا من شافعين  . 
ولا صديق حميم  ) أي : قريب . 
قال 
قتادة   : يعلمون - والله - أن الصديق إذا كان صالحا نفع ، وأن الحميم إذا كان صالحا شفع . 
( 
فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين  ) وذلك أنهم يتمنون أنهم يردون إلى الدار الدنيا ، ليعملوا بطاعة ربهم - فيما يزعمون - وهو ، سبحانه وتعالى ، يعلم أنه لو ردهم إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون . وقد أخبر تعالى عن تخاصم أهل النار في سورة " ص " ، ثم قال : ( 
إن ذلك لحق تخاصم أهل النار  ) [ ص : 64 ] . 
ثم قال تعالى : ( 
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين  ) أي : إن في محاجة 
إبراهيم  لقومه وإقامته الحجج عليهم في التوحيد لآية ودلالة واضحة جلية على أنه لا إله إلا الله ( 
وما كان أكثرهم مؤمنين  . 
وإن ربك لهو العزيز الرحيم  ) .