[ ص: 210 ]  ( 
إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون  ( 76 ) 
وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين  ( 77 ) 
إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم  ( 78 ) 
فتوكل على الله إنك على الحق المبين  ( 79 ) 
إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين  ( 80 ) 
وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون  ( 81 ) ) . 
يقول تعالى مخبرا عن كتابه العزيز ، وما اشتمل عليه من الهدى والبينات والفرقان : إنه يقص على بني إسرائيل - وهم حملة التوراة والإنجيل - ( 
أكثر الذي هم فيه يختلفون  ) ، كاختلافهم في 
عيسى  وتباينهم فيه ، 
فاليهود  افتروا ، 
والنصارى  غلوا ، فجاء [ إليهم ] القرآن بالقول الوسط الحق العدل : أنه عبد من عباد الله وأنبيائه ورسله الكرام ، عليه [ أفضل ] الصلاة والسلام ، كما قال تعالى : ( 
ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون  ) [ مريم : 34 ] . 
وقوله : ( 
وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين  ) أي : هدى لقلوب المؤمنين ، ورحمة لهم في العمليات . 
ثم قال : ( 
إن ربك يقضي بينهم  ) أي : يوم القيامة ، ( 
بحكمه وهو العزيز  ) في انتقامه ، ( 
العليم  ) بأفعال عباده وأقوالهم . 
( 
فتوكل على الله  ) أي : في أمورك ، وبلغ رسالة ربك ، ( 
إنك على الحق المبين  ) أي : أنت على الحق المبين وإن خالفك من خالفك ، ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية ; ولهذا قال : ( 
إنك لا تسمع الموتى  ) أي : لا تسمعهم شيئا ينفعهم ، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة ، وفي آذانهم وقر الكفر ; ولهذا قال : ( 
إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون  ) [ أي ] : إنما يستجيب لك من هو سميع بصير ، السمع والبصر النافع في القلب والبصيرة الخاضع لله ، ولما جاء عنه على ألسنة الرسل ، عليهم السلام .