1. الرئيسية
  2. تفسير ابن كثير
  3. تفسير سورة القصص
  4. تفسير قوله تعالى " فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا "
صفحة جزء
( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ( 25 ) قالت إحداهما ياأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ( 26 ) قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين ( 27 ) قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل ( 28 ) ) .

لما رجعت المرأتان سراعا بالغنم إلى أبيهما ، أنكر حالهما ومجيئهما سريعا ، فسألهما عن [ ص: 228 ] خبرهما ، فقصتا عليه ما فعل موسى ، عليه السلام . فبعث إحداهما إليه لتدعوه إلى أبيها قال الله تعالى : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ) أي : مشي الحرائر ، كما روي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، أنه قال : كانت مستترة بكم درعها .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا [ أبي ، حدثنا ] أبو نعيم ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمر بن ميمون قال : قال عمر رضي الله عنه : جاءت تمشي على استحياء ، قائلة بثوبها على وجهها ، ليست بسلفع خراجة ولاجة . هذا إسناد صحيح .

قال الجوهري : السلفع من الرجال : الجسور ، ومن النساء : الجريئة السليطة ، ومن النوق : الشديدة .

( قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) ، وهذا تأدب في العبارة ، لم تطلبه طلبا مطلقا لئلا يوهم ريبة ، بل قالت : ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) يعني : ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا ، ( فلما جاءه وقص عليه القصص ) أي : ذكر له ما كان من أمره ، وما جرى له من السبب الذي خرج من أجله من بلده ، ( قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) . يقول : طب نفسا وقر عينا ، فقد خرجت من مملكتهم فلا حكم لهم في بلادنا . ولهذا قال : ( نجوت من القوم الظالمين ) .

وقد اختلف المفسرون في هذا الرجل : من هو ؟ على أقوال : أحدها أنه شعيب النبي عليه السلام الذي أرسل إلى أهل مدين . وهذا هو المشهور عند كثيرين ، وقد قاله الحسن البصري وغير واحد . ورواه ابن أبي حاتم .

حدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز الأويسي ، حدثنا مالك بن أنس ; أنه بلغه أن شعيبا هو الذي قص عليه موسى القصص قال : ( لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) .

وقد روى الطبراني عن سلمة بن سعد العنزي أنه وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له : " مرحبا بقوم شعيب وأختان موسى ، هديت " .

وقال آخرون : بل كان ابن أخي شعيب . وقيل : رجل مؤمن من قوم شعيب . وقال آخرون : كان شعيب قبل زمان موسى ، عليه السلام ، بمدة طويلة ; لأنه قال لقومه : ( وما قوم لوط منكم ببعيد ) [ هود : 95 ] . وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل ، عليه السلام بنص القرآن ، وقد علم أنه كان بين موسى والخليل ، عليهما السلام ، مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة ، كما [ ص: 229 ] ذكره غير واحد . وما قيل : إن شعيبا عاش مدة طويلة ، إنما هو - والله أعلم - احتراز من هذا الإشكال ، ثم من المقوي لكونه ليس بشعيب أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن هاهنا . وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى لم يصح إسناده ، كما سنذكره قريبا إن شاء الله . ثم من الموجود في كتب بني إسرائيل أن هذا الرجل اسمه : " ثبرون " ، والله أعلم .

وقال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود : وأثرون وهو ابن أخي شعيب عليه السلام .

وعن أبي حمزة عن ابن عباس : الذي استأجر موسى يثرى صاحب مدين . رواه ابن جرير ، ثم قال : الصواب أن هذا لا يدرك إلا بخبر ، ولا خبر تجب به الحجة في ذلك .

وقوله : ( قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) أي : قالت إحدى ابنتي هذا الرجل . قيل : هي التي ذهبت وراء موسى ، عليه السلام ، قالت لأبيها : ( يا أبت استأجره ) أي : لرعية هذه الغنم .

قال عمر ، وابن عباس ، وشريح القاضي ، وأبو مالك ، وقتادة ، ومحمد بن إسحاق ، وغير واحد : لما قالت : ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) قال لها أبوها : وما علمك بذلك ؟ قالت : إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال ، وإنه لما جئت معه تقدمت أمامه ، فقال لي : كوني من ورائي ، فإذا اجتنبت الطريق فاحذفي [ لي ] بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأتهدى إليه .

قال سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : أفرس الناس ثلاثة : أبو بكر حين تفرس في عمر ، وصاحب يوسف حين قال : ( أكرمي مثواه ) [ يوسف : 21 ] ، وصاحبة موسى حين قالت : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) .

قال : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ) أي : طلب إليه هذا الرجل الشيخ الكبير أن يرعى عنه ويزوجه إحدى ابنتيه هاتين .

قال شعيب الجبائي : وهما صفورا ، وليا .

وقال محمد بن إسحاق : صفورا وشرقا ، ويقال : ليا . وقد استدل أصحاب أبي حنيفة [ رحمه الله تعالى ] بهذه الآية على صحة البيع فيما إذا قال : " بعتك أحد هذين العبدين بمائة . فقال : اشتريت " أنه يصح ، والله أعلم .

[ ص: 230 ]

وقوله : ( على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ) أي : على أن ترعى علي ثماني سنين ، فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك ، وإلا ففي ثمان كفاية ، ( وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين ) أي : لا أشاقك ، ولا أؤاذيك ، ولا أماريك .

وقد استدلوا بهذه الآية الكريمة لمذهب الأوزاعي ، فيما إذا قال : " بعتك هذا بعشرة نقدا ، أو بعشرين نسيئة " أنه يصح ، ويختار المشتري بأيهما أخذه صح . وحمل الحديث المروي في سنن أبي داود : " من باع بيعتين في بيعة ، فله أوكسهما أو الربا " على هذا المذهب . وفي الاستدلال بهذه الآية وهذا الحديث على هذا المذهب نظر ، ليس هذا موضع بسطه لطوله . والله أعلم .

ثم قد استدل أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم ، في صحة استئجار الأجير بالطعمة والكسوة بهذه الآية ، واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة في كتابه السنن ، حيث قال : " باب استئجار الأجير على طعام بطنه " : حدثنا محمد بن المصفى الحمصي ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن مسلمة بن علي ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح قال : سمعت عتبة بن الندر يقول : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ ( طسم ) ، حتى إذا بلغ قصة موسى قال : " إن موسى أجر نفسه ثماني سنين أو : عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه .

وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيف ، لأن مسلمة بن علي وهو الخشني الدمشقي البلاطي ضعيف الرواية عند الأئمة ، ولكن قد روي من وجه آخر ، وفيه نظر أيضا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد الحضرمي ، عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت عتبة بن الندر السلمي - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن موسى آجر نفسه بعفة فرجه ، وطعمة بطنه " .

. وقوله تعالى إخبارا عن موسى ، عليه السلام : ( قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل ) ، يقول : إن موسى قال لصهره : الأمر على ما قلت من أنك استأجرتني على ثمان سنين ، فإن أتممت عشرا فمن عندي ، فأنا متى فعلت أقلهما [ فقد ] برئت من العهد ، وخرجت من الشرط ; ولهذا قال : ( أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي ) أي : فلا [ ص: 231 ] حرج علي مع أن الكامل - وإن كان مباحا لكنه فاضل من جهة أخرى ، بدليل من خارج . كما قال [ الله ] تعالى : ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) [ البقرة : 203 ] .

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمزة بن عمرو الأسلمي ، رضي الله عنه ، وكان كثير الصيام ، وسأله عن الصوم في السفر - فقال : " إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر " مع أن فعل الصيام راجح من دليل آخر .

هذا وقد دل الدليل على أن موسى عليه السلام ، إنما فعل أكمل الأجلين وأتمهما ; قال البخاري :

حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال : سألني يهودي من أهل الحيرة : أي الأجلين قضى موسى ؟ فقلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله . فقدمت فسألت ابن عباس ، رضي الله عنه ، فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله إذا قال فعل . هكذا رواه البخاري وهكذا رواه حكيم بن جبير وغيره ، عن سعيد بن جبير . ووقع في " حديث الفتون " ، من رواية القاسم بن أبي أيوب ، عن سعيد بن جبير ; أن الذي سأله رجل من أهل النصرانية . والأول أشبه ، والله أعلم ، وقد روي من حديث ابن عباس مرفوعا ، قال ابن جرير :

حدثنا أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سألت جبريل : أي الأجلين قضى موسى قال : أكملهما وأتمهما " .

ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن الحميدي ، عن سفيان - وهو ابن عيينة - حدثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب - وكان من أسناني أو أصغر مني - فذكره .

قلت : وإبراهيم هذا ليس بمعروف .

ورواه البزار عن أحمد بن أبان القرشي ، عن سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن أعين ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره . ثم قال : لا نعرفه مرفوعا عن ابن عباس إلا من هذا الوجه .

وقال ابن أبي حاتم : قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أنبأنا عمرو بن الحارث ، عن يحيى بن ميمون الحضرمي ، عن يوسف بن تيرح : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي [ ص: 232 ] الأجلين قضى موسى ؟ قال : " لا علم لي " . فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل ، فقال جبريل : لا علم لي ، فسأل جبريل ملكا فوقه فقال : لا علم لي . فسأل ذلك الملك ربه - عز وجل - عما سأله عنه جبريل عما سأله عنه محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال الرب سبحانه وتعالى : " قضى أبرهما وأبقاهما - أو قال : أزكاهما " .

وهذا مرسل ، وقد جاء مرسلا من وجه آخر ، وقال سنيد : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : قال مجاهد : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل جبريل : " أي الأجلين قضى موسى ؟ " فقال : سوف أسأل إسرافيل . فسأله فقال : سوف أسأل الرب عز وجل . فسأله فقال : " أبرهما وأوفاهما " .

طريق أخرى مرسلة أيضا : قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أوفاهما وأتمهما " .

فهذه طرق متعاضدة ، ثم قد روي [ هذا ] مرفوعا من رواية أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال الحافظ أبو بكر البزار ، حدثنا أبو عبيد الله يحيى بن محمد بن السكن ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا عوبد بن أبي عمران الجوني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أوفاهما وأبرهما " ، قال : " وإن سئلت أي المرأتين تزوج ؟ فقل الصغرى منهما " .

ثم قال البزار : لا نعلم يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد .

وقد رواه ابن أبي حاتم من حديث عوبد بن أبي عمران - وهو ضعيف - ثم قد روي أيضا نحوه من حديث عتبة بن الندر بزيادة غريبة جدا ، فقال أبو بكر البزار : حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا الحارث بن يزيد عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت عتبة بن الندر يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أبرهما وأوفاهما " . ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن موسى ، عليه السلام ، لما أراد فراق شعيب عليه السلام ، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به . فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون . قال : فما مرت شاة إلا ضرب موسى جنبها بعصاه ، فولدت قوالب ألوان كلها ، وولدت ثنتين وثلاثا كل شاة ليس فيها فشوش ولا ضبوب ، ولا كميشة تفوت الكف ، ولا ثعول " . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا افتتحتم الشام فإنكم ستجدون بقايا منها ، وهي السامرية " .

[ ص: 233 ]

هكذا أورده البزار . وقد رواه ابن أبي حاتم بأبسط من هذا فقال :

حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ( ح ) وحدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد الحضرمي ، عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت عتبة بن الندر السلمي - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن موسى ، عليه السلام آجر نفسه بعفة فرجه وطعمة بطنه . فلما وفى الأجل - قيل : يا رسول الله ، أي الأجلين ؟ قال - أبرهما وأوفاهما . فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به ، فأعطاها ما ولدت من غنمه من قالب لون من ولد ذلك العام ، وكانت غنمه سوداء حسناء ، فانطلق موسى ، عليه السلام إلى عصاه فسماها من طرفها ، ثم وضعها في أدنى الحوض ، ثم أوردها فسقاها ، ووقف موسى بإزاء الحوض فلم تصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة قال : " فأتأمت وأثلثت ، ووضعت كلها قوالب ألوان ، إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش . قال يحيى : ولا ضبون . وقال صفوان : ولا ضبوب . قال أبو زرعة : الصواب ضبوب - ولا عزوز ولا ثعول ، ولا كميشة تفوت الكف " ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فلو افتتحتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم وهي السامرية " .

وحدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان قال : سمعت الوليد قال : فسألت ابن لهيعة : ما الفشوش ؟ قال : التي تفش بلبنها واسعة الشخب . قلت : فما الضبوب ؟ قال : الطويلة الضرع تجره . قلت : فما العزوز ؟ قال : ضيقة الشخب . قال فما الثعول ؟ قال : التي ليس لها ضرع إلا كهيئة حلمتين . قلت : فما الكميشة ؟ قال : التي تفوت الكف ، كميشة الضرع ، صغير لا يدركه الكف .

مدار هذا الحديث على عبد الله بن لهيعة المصري - وفي حفظه سوء - وأخشى أن يكون رفعه خطأ ، والله أعلم . وينبغي أن يروى ليس فيها فشوش ولا عزوز ، ولا ضبوب ولا ثعول ولا كميشة ، لتذكر كل صفة ناقصة مع ما يقابلها من الصفات الناقصة . وقد روى ابن جرير من كلام أنس بن مالك - موقوفا عليه - ما يقارب بعضه بإسناد جيد ، فقال : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ، عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : لما دعا نبي الله موسى ، عليه السلام ، صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما ، قال له صاحبه : كل شاة ولدت على غير لونها فذلك ولدها لك ، فعمد فرفع حبالا على الماء ، فلما رأت الخيال فزعت فجالت جولة ، فولدن كلهن بلقا إلا شاة واحدة ، فذهب بأولادهن ذلك العام .

التالي السابق


الخدمات العلمية