( 
وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون  ( 33 ) 
ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون  ( 34 ) 
أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون  ( 35 ) 
وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون  ( 36 ) 
أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون  ( 37 ) ) . 
يقول تعالى مخبرا عن الناس إنهم في حال الاضطرار يدعون الله وحده لا شريك له ، وأنه إذا أسبغ عليهم النعم ، إذا فريق منهم [ أي ] في حالة الاختبار يشركون بالله ، ويعبدون معه غيره . 
وقوله : ( 
ليكفروا بما آتيناهم  ) ، هي لام العاقبة عند بعضهم ، ولام التعليل عند آخرين ، ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك . 
ثم توعدهم بقوله : ( فسوف تعلمون ) ، قال بعضهم : والله لو توعدني حارس درب لخفت منه ، فكيف والمتوعد هاهنا [ هو ] الذي يقول للشيء : كن ، فيكون . 
ثم قال منكرا على المشركين فيما اختلقوه من عبادة الأوثان بلا دليل ولا حجة ولا برهان . ( 
أم أنزلنا عليهم سلطانا  ) أي : حجة ( 
فهو يتكلم  ) أي : ينطق ( 
بما كانوا به يشركون  ) ؟ وهذا استفهام إنكار ، أي : لم يكن [ لهم ] شيء من ذلك . 
ثم قال : ( 
وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون  ) ، هذا إنكار على الإنسان من حيث هو ، إلا من عصمه الله ووفقه; فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر وقال : ( 
ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور  ) [ هود : 10 ] ، أي : يفرح في نفسه ويفخر على غيره ، وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية; قال الله : ( 
إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات  ) [ هود : 11 ] ، أي : صبروا في الضراء ، وعملوا الصالحات في الرخاء ، كما ثبت في الصحيح : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=824523 " عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته سراء شكر فكان  [ ص: 318 ] خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له "  . 
وقوله تعالى : ( 
أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر  ) أي : هو المتصرف الفاعل لذلك بحكمته وعدله ، فيوسع على قوم ويضيق على آخرين ، ( 
إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون  ) .