( 
وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون  ( 12 ) ) . 
يقول تعالى منبها على 
قدرته العظيمة في خلقه الأشياء المختلفة : وخلق البحرين العذب الزلال ،  
[ ص: 540 ] وهو هذه الأنهار السارحة بين الناس ، من كبار وصغار ، بحسب الحاجة إليها في الأقاليم والأمصار ، والعمران والبراري والقفار ، وهي عذبة سائغ شرابها لمن أراد ذلك ، ( 
وهذا ملح أجاج  ) ، وهو البحر الساكن الذي تسير فيه السفن الكبار ، وإنما تكون مالحة زعاقا مرة ، ولهذا قال : ( 
وهذا ملح أجاج  ) ، أي : مر . 
ثم قال : ( 
ومن كل تأكلون لحما طريا  ) يعني : السمك ، ( 
وتستخرجون حلية تلبسونها  ) ، كما قال تعالى : ( 
يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان  ) [ الرحمن : 22 ، 23 ] . 
وقوله : ( 
وترى الفلك فيه مواخر  ) أي : تمخره وتشقه بحيزومها ، وهو مقدمها المسنم الذي يشبه جؤجؤ الطير - وهو : صدره . 
وقال 
مجاهد   : تمخر الريح السفن ، ولا يمخر الريح من السفن إلا العظام . 
وقوله : ( 
لتبتغوا من فضله  ) أي : بأسفاركم بالتجارة ، من قطر إلى قطر ، وإقليم إلى إقليم ، ( 
ولعلكم تشكرون  ) أي تشكرون ربكم على تسخيره لكم هذا الخلق العظيم ، وهو البحر ، تتصرفون فيه كيف شئتم ، وتذهبون أين أردتم ، ولا يمتنع عليكم شيء منه ، بل بقدرته قد سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ، الجميع من فضله ومن رحمته .