صفحة جزء
[ ص: 5 ] تفسير سورة الصافات [ وهي ] مكية .

قال النسائي : أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، حدثنا خالد - يعني ابن الحارث - عن ابن أبي ذئب قال : أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالتخفيف ، ويؤمنا بالصافات . تفرد به النسائي .

بسم الله الرحمن الرحيم

( والصافات صفا ( 1 ) فالزاجرات زجرا ( 2 ) فالتاليات ذكرا ( 3 ) إن إلهكم لواحد ( 4 ) رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ( 5 ) )

قال سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه أنه قال : ( والصافات صفا ) وهي : الملائكة ، ( فالزاجرات زجرا ) وهي : الملائكة ، ( فالتاليات ذكرا ) هي : الملائكة .

وكذا قال ابن عباس ، ومسروق ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس .

قال قتادة : الملائكة صفوف في السماء .

وقال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء " .

وقد روى مسلم أيضا ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، عن تميم بن طرفة ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ؟ " قلنا : وكيف تصف الملائكة عند ربهم ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : " يتمون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف " .

وقال السدي وغيره : معنى قوله ( فالزاجرات زجرا ) أنها تزجر السحاب .

وقال الربيع بن أنس : ( فالزاجرات زجرا ) : ما زجر الله عنه في القرآن . وكذا روى مالك ، عن زيد بن أسلم . [ ص: 6 ]

( فالتاليات ذكرا ) قال السدي : الملائكة يجيئون بالكتاب ، والقرآن من عند الله إلى الناس . وهذه الآية كقوله تعالى : ( فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا ) [ المرسلات : 5 ، 6 ] .

وقوله : ( إن إلهكم لواحد ) هذا هو المقسم عليه ، أنه تعالى لا إله إلا هو ( رب السماوات والأرض وما بينهما ) أي : من المخلوقات ، ( ورب المشارق ) أي : هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت ، وسيارات تبدو من المشرق ، وتغرب من المغرب . واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه . وقد صرح بذلك في قوله : ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون ) [ المعارج : 40 ] . وقال في الآية الأخرى : ( رب المشرقين ورب المغربين ) [ الرحمن : 17 ] يعني في الشتاء والصيف ، للشمس والقمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية