( 
والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد  ( 16 ) 
الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب  ( 17 ) 
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد  ( 18 ) ) 
يقول تعالى - متوعدا الذين يصدون عن سبيل الله من آمن به - : ( 
والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له  ) أي : يجادلون المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله ، ليصدوهم عما سلكوه من طريق الهدى ، ( 
حجتهم داحضة عند ربهم  ) أي : باطلة عند الله ، ( 
وعليهم غضب  ) أي : منه ، ( 
ولهم عذاب شديد  ) أي : يوم القيامة . 
قال 
ابن عباس  ، 
ومجاهد   : جادلوا المؤمنين بعد ما استجابوا لله ولرسوله ؛ ليصدوهم عن الهدى ، وطمعوا أن تعود الجاهلية . 
وقال 
قتادة   : هم اليهود والنصارى ، قالوا لهم : ديننا خير من دينكم ، ونبينا قبل نبيكم ، ونحن خير منكم ، وأولى بالله منكم . وقد كذبوا في ذلك . 
ثم قال : ( 
الله الذي أنزل الكتاب بالحق  ) يعني : الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه ( 
والميزان  ) ، وهو : العدل والإنصاف ، قاله 
مجاهد  ، 
وقتادة   . وهذه كقوله تعالى : ( 
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط  ) [ الحديد : 25 ] وقوله : ( 
والسماء رفعها ووضع الميزان . ألا تطغوا في الميزان . وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان  ) [ الرحمن : 7 - 9 ] .  
[ ص: 197 ] 
وقوله : ( 
وما يدريك لعل الساعة قريب  ) فيه ترغيب فيها ، وترهيب منها ، وتزهيد في الدنيا . 
وقوله : ( 
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها  ) أي : يقولون : ( 
متى هذا الوعد إن كنتم صادقين  ) [ سبأ : 29 ] ، وإنما يقولون ذلك تكذيبا واستبعادا ، وكفرا وعنادا ، ( 
والذين آمنوا مشفقون منها  ) أي : خائفون وجلون من وقوعها ( 
ويعلمون أنها الحق  ) أي : كائنة لا محالة ، فهم مستعدون لها عاملون من أجلها . 
وقد روي من طرق تبلغ درجة التواتر ، في الصحاح والحسان ، والسنن والمسانيد ، وفي بعض ألفاظه ; 
nindex.php?page=hadith&LINKID=826069أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوت جهوري ، وهو في بعض أسفاره فناداه فقال : يا محمد   . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوا من صوته " هاؤم " . فقال : متى الساعة ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ويحك ، إنها كائنة ، فما أعددت لها ؟ " فقال : حب الله ورسوله . فقال : " أنت مع من أحببت .
فقوله في الحديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=821436 " المرء مع من أحب " ، هذا متواتر لا محالة ، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة ، بل أمره بالاستعداد لها . 
وقوله : ( 
ألا إن الذين يمارون في الساعة  ) أي : يحاجون في وجودها ويدفعون وقوعها ، ( 
لفي ضلال بعيد  ) أي : في جهل بين ; لأن الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى ، كما قال : ( 
وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه  ) [ الروم : 27 ] .