( 
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين  ( 9 ) 
إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون  ( 10 ) )  
[ ص: 374 ] يقول تعالى آمرا بالإصلاح بين المسلمين الباغين بعضهم على بعض : ( 
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما  ) ، فسماهم مؤمنين مع الاقتتال . وبهذا استدل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت ، لا كما يقوله 
الخوارج  ومن تابعهم من 
المعتزلة  ونحوهم . وهكذا ثبت في صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  من حديث 
الحسن  ، عن 
أبي بكرة  nindex.php?page=hadith&LINKID=826175أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب يوما ومعه على المنبر الحسن بن علي  ، فجعل ينظر إليه مرة وإلى الناس أخرى ويقول : " إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين "  . فكان كما قال ، صلوات الله وسلامه عليه ، أصلح الله به بين 
أهل الشام   وأهل العراق ،   بعد الحروب الطويلة والواقعات المهولة . 
وقوله : ( 
فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله  ) أي : حتى ترجع إلى أمر الله وتسمع للحق وتطيعه ، كما ثبت في الصحيح عن 
أنس   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823872أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " . قلت : يا رسول الله ، هذا نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما ؟ قال : " تمنعه من الظلم ، فذاك نصرك إياه "  . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد   : حدثنا 
عارم  ، حدثنا 
معتمر  قال : سمعت أبي يحدث : أن 
أنسا  قال : قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لو أتيت 
عبد الله بن أبي ؟  فانطلق إليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما انطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إليك عني ، فوالله لقد آذاني ريح حمارك " فقال رجل من 
الأنصار   : والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك . قال : فغضب 
لعبد الله  رجال من قومه ، فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، قال : فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم : ( 
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما  ) 
ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في " الصلح " عن 
مسدد  ، 
ومسلم  في " المغازي " عن 
محمد بن عبد الأعلى  ، كلاهما عن 
المعتمر بن سليمان  ، عن أبيه ، به نحوه . 
وذكر 
سعيد بن جبير   : أن 
الأوس  والخزرج  كان بينهما قتال بالسعف والنعال ، فأنزل الله هذه الآية ، فأمر بالصلح بينهما . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : كان رجل من 
الأنصار  يقال له : " 
عمران   " ، كانت له امرأة تدعى 
أم زيد  ، وإن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها . وإن المرأة بعثت إلى أهلها ، فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها ، وإن الرجل قد كان خرج ، فاستعان أهل الرجل ، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها ، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال ، فنزلت فيهم هذه  
[ ص: 375 ] الآية . فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصلح بينهم ، وفاءوا إلى أمر الله . 
وقوله : ( 
فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين  ) أي : اعدلوا بينهم فيما كان أصاب بعضهم لبعض ، بالقسط ، وهو العدل ، ( 
إن الله يحب المقسطين  ) 
قال 
ابن أبي حاتم   : حدثنا 
أبو زرعة  ، حدثنا 
محمد بن أبي بكر المقدمي  ، حدثنا 
عبد الأعلى  ، عن 
معمر  ، عن 
الزهري  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  ، عن 
عبد الله بن عمر  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823873إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ بين يدي الرحمن ، بما أقسطوا في الدنيا  " . 
ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى  ، عن 
عبد الأعلى  ، به . وهذا إسناده جيد قوي ، رجاله على شرط الصحيح . 
وحدثنا 
محمد بن عبد الله بن يزيد  ، حدثنا 
سفيان بن عيينة  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار  ، عن 
عمرو بن أوس  ، عن 
عبد الله بن عمرو  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823874المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور على يمين العرش ، الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا  " . 
ورواه 
مسلم   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  ، من حديث 
سفيان بن عيينة  ، به . 
وقوله : ( 
إنما المؤمنون إخوة  ) أي : الجميع إخوة في الدين ، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823875المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه  " . وفي الصحيح : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823876والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه  " . وفي الصحيح أيضا : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=822832إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب قال الملك : آمين ، ولك بمثله  " . والأحاديث في هذا كثيرة ، وفي الصحيح : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=826166مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر  " . وفي الصحيح أيضا : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823859 " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه  . 
وقال 
أحمد   : حدثنا 
أحمد بن الحجاج  ، حدثنا 
عبد الله  ، أخبرنا 
مصعب بن ثابت  ، حدثني 
أبو حازم  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي  يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823877إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، يألم المؤمن لأهل الإيمان ، كما يألم الجسد لما في الرأس  " . تفرد به ولا بأس بإسناده .  
[ ص: 376 ] وقوله : ( 
فأصلحوا بين أخويكم  ) يعني : الفئتين المقتتلتين ، ( 
واتقوا الله  ) أي : في جميع أموركم ( 
لعلكم ترحمون  ) ، وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتقاه .