[ ص: 427 ] تفسير سورة الطور وهي مكية . 
قال 
مالك  ، عن 
الزهري  ، عن 
محمد بن جبير بن مطعم  ، عن أبيه : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823933سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور ، فما سمعت أحدا أحسن صوتا - أو قراءة - منه .
أخرجاه من طريق 
مالك  وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   : 
حدثنا 
عبد الله بن يوسف  ، أخبرنا 
مالك  ، عن 
محمد بن عبد الرحمن بن نوفل  ، عن 
عروة  ، عن 
زينب بنت أبي سلمة  ، عن 
أم سلمة  قالت : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823934شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي ، فقال : " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة " ، فطفت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور  . 
بسم الله الرحمن الرحيم ( 
والطور  ( 1 ) 
وكتاب مسطور  ( 2 ) 
في رق منشور  ( 3 ) 
والبيت المعمور  ( 4 ) 
والسقف المرفوع  ( 5 ) 
والبحر المسجور  ( 6 ) 
إن عذاب ربك لواقع  ( 7 ) 
ما له من دافع  ( 8 ) 
يوم تمور السماء مورا  ( 9 ) 
وتسير الجبال سيرا  ( 10 ) 
فويل يومئذ للمكذبين  ( 11 ) 
الذين هم في خوض يلعبون  ( 12 ) 
يوم يدعون إلى نار جهنم دعا  ( 13 ) 
هذه النار التي كنتم بها تكذبون  ( 14 ) 
أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون  ( 15 ) 
اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون  ( 16 ) ) 
يقسم تعالى بمخلوقاته الدالة على قدرته العظيمة : أن عذابه واقع بأعدائه ، وأنه لا دافع له عنهم . فالطور هو : الجبل الذي يكون فيه أشجار ، مثل الذي كلم الله عليه 
موسى ،  وأرسل منه 
عيسى ،  وما لم يكن فيه شجر لا يسمى طورا ، إنما يقال له : جبل . 
( 
وكتاب مسطور  ) قيل : هو اللوح المحفوظ . وقيل : الكتب المنزلة المكتوبة التي تقرأ على الناس جهارا ; ولهذا قال : ( 
في رق منشور والبيت المعمور  ) . ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الإسراء - بعد مجاوزته إلى السماء السابعة - : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=826204ثم رفع بي إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم " يعني : يتعبدون فيه ويطوفون ، كما  [ ص: 428 ] يطوف أهل الأرض بكعبتهم كذلك ذاك البيت ، هو كعبة أهل السماء السابعة ; ولهذا وجد إبراهيم الخليل عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور  ; لأنه باني الكعبة الأرضية ، والجزاء من جنس العمل ، وهو بحيال الكعبة ، وفي كل سماء بيت يتعبد فيه أهلها ، ويصلون إليه ، والذي في السماء الدنيا يقال له : بيت العزة  . والله أعلم . 
وقال 
ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا 
هشام بن عمار  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم  ، حدثنا 
روح بن جناح  ، عن 
الزهري  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
في السماء السابعة بيت يقال له : " المعمور " ; بحيال الكعبة ، وفي السماء الرابعة نهر يقال له : " الحيوان  " يدخله جبريل كل يوم ، فينغمس فيه انغماسة ، ثم يخرج فينتفض انتفاضة يخر عنه سبعون ألف قطرة ، يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور ، فيصلوا فيه فيفعلون ، ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبدا ، ويولي عليهم أحدهم ، يؤمر أن يقف بهم من السماء موقفا يسبحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة  " . 
هذا حديث غريب جدا ، تفرد به 
روح بن جناح هذا ، وهو القرشي الأموي مولاهم أبو سعد الدمشقي  ، وقد أنكر هذا الحديث عليه جماعة من الحفاظ منهم : 
الجوزجاني  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14798والعقيلي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم أبو عبد الله النيسابوري  ، وغيرهم . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم :  لا أصل له من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  ، ولا 
سعيد  ، ولا 
الزهري  
وقال 
ابن جرير   : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري  ، حدثنا 
أبو الأحوص  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب  ، عن 
خالد بن عرعرة ;  أن رجلا قال 
لعلي   : 
ما البيت المعمور ؟ قال : بيت في السماء يقال له : " الضراح " وهو بحيال الكعبة من فوقها ، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض ، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، لا يعودون فيه أبدا 
وكذا رواه 
شعبة   nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري  ، عن 
سماك  وعندهما أن 
ابن الكواء  هو السائل عن ذلك ، ثم رواه 
ابن جرير  عن 
أبي كريب  ، عن 
طلق بن غنام  ، عن 
زائدة  ، عن 
عاصم  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=49علي بن ربيعة  قال : سأل ابن الكواء 
عليا  عن البيت المعمور ، قال : مسجد في السماء يقال له : " الضراح " ، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، ثم لا يعودون فيه أبدا  . ورواه من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل  ، عن 
علي  بمثله . 
وقال 
العوفي  عن 
ابن عباس   : هو بيت حذاء العرش ، تعمره الملائكة ، يصلي فيه كل يوم سبعون  
[ ص: 429 ] ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه ، وكذا قال 
عكرمة  ، 
ومجاهد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  ، وغير واحد من السلف . 
وقال 
قتادة   : ذكر لنا 
nindex.php?page=hadith&LINKID=826206أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوما لأصحابه : " هل تدرون ما البيت المعمور ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه مسجد في السماء بحيال الكعبة لو خر لخر عليها يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك ، إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم  " . 
وزعم 
الضحاك  أنه يعمره طائفة من الملائكة يقال لهم : الجن ، من قبيلة إبليس ، فالله أعلم . 
وقوله : ( 
والسقف المرفوع  ) : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري  ، 
وشعبة  ، 
وأبو الأحوص  ، عن 
سماك  ، عن 
خالد بن عرعرة  ، عن علي : ( 
والسقف المرفوع  ) يعني : السماء ، قال 
سفيان   : ثم تلا ( 
وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون  ) [ الأنبياء : 32 ] . وكذا قال 
مجاهد  ، 
وقتادة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج  ، 
وابن زيد  ، واختاره 
ابن جرير   . 
وقال 
الربيع بن أنس   : هو العرش يعني : أنه سقف لجميع المخلوقات ، وله اتجاه ، وهو يراد مع غيره كما قاله الجمهور . 
وقوله : ( 
والبحر المسجور  ) : قال 
الربيع بن أنس   : هو 
الماء الذي تحت العرش ، الذي ينزل [ الله ] منه المطر الذي يحيي به الأجساد في قبورها يوم معادها . وقال الجمهور : هو هذا البحر . واختلف في معنى قوله : ( 
المسجور  ) ، فقال بعضهم : المراد أنه يوقد يوم القيامة نارا كقوله : ( 
وإذا البحار سجرت  ) [ التكوير : 6 ] أي : أضرمت فتصير نارا تتأجج ، محيطة بأهل الموقف . رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  ، وروي عن 
ابن عباس   . وبه يقول 
سعيد بن جبير  ، 
ومجاهد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12186وعبد الله بن عبيد بن عمير  وغيرهم . 
وقال 
العلاء بن بدر   : إنما سمي البحر المسجور لأنه لا يشرب منه ماء ، ولا يسقى به زرع ، وكذلك البحار يوم القيامة . كذا رواه عنه 
ابن أبي حاتم   . 
وعن 
سعيد بن جبير   : ( 
والبحر المسجور  ) يعني : المرسل . وقال 
قتادة   : ( 
 [ والبحر ] المسجور  ) المملوء . واختاره 
ابن جرير  ووجهه بأنه ليس موقدا اليوم فهو مملوء . 
وقيل : المراد به الفارغ ، قال 
الأصمعي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة  ، عن 
ابن عباس  في قوله : ( 
والبحر المسجور  ) قال : الفارغ ; خرجت أمة تستسقي فرجعت فقالت : " إن الحوض مسجور " ، تعني : فارغا  . رواه 
ابن مردويه  في مسانيد الشعراء .  
[ ص: 430 ] وقيل : المراد بالمسجور : الممنوع المكفوف عن الأرض ; لئلا يغمرها فيغرق أهلها . قاله 
علي بن أبي طلحة  عن 
ابن عباس  ، وبه يقول 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  وغيره ، وعليه يدل الحديث الذي رواه الإمام 
أحمد  ، رحمه الله ، في مسنده ، فإنه قال : 
حدثنا 
يزيد  ، حدثنا 
العوام  ، حدثني شيخ كان مرابطا بالساحل قال : لقيت 
أبا صالح  مولى 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  فقال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823935ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات ، يستأذن الله أن ينفضخ عليهم ، فيكفه الله عز وجل  " . 
وقال الحافظ 
أبو بكر الإسماعيلي   : حدثنا 
الحسن بن سفيان  ، عن 
إسحاق بن راهويه  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد - وهو ابن هارون   - عن 
العوام بن حوشب  ، حدثني شيخ مرابط قال : خرجت ليلة لحرسي لم يخرج أحد من الحرس غيري ، فأتيت الميناء فصعدت ، فجعل يخيل إلي أن البحر يشرف يحاذي رءوس الجبال ، فعل ذلك مرارا وأنا مستيقظ ، فلقيت 
أبا صالح  فقال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823936من ليلة إلا والبحر يشرف ثلاث مرات ، يستأذن الله أن ينفضخ عليهم ، فيكفه الله عز وجل  " . فيه رجل مبهم لم يسم . 
وقوله : ( 
إن عذاب ربك لواقع  ) : هذا هو المقسم عليه ، أي : الواقع بالكافرين ، كما قال في الآية الأخرى : ( 
ما له من دافع  ) أي : ليس له دافع يدفعه عنهم إذا أراد الله بهم ذلك . 
قال الحافظ 
أبو بكر بن أبي الدنيا   : حدثنا أبي ، حدثنا 
موسى بن داود  ، عن 
صالح المري  ، عن 
جعفر بن زيد العبدي  قال : خرج 
عمر  يعس المدينة ذات ليلة ، فمر بدار رجل من المسلمين ، فوافقه قائما يصلي ، فوقف يستمع قراءته فقرأ : ( 
والطور  ) حتى بلغ ( 
إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع  ) قال : قسم - ورب الكعبة - حق . فنزل عن حماره واستند إلى حائط ، فمكث مليا ، ثم رجع إلى منزله ، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه  . 
وقال الإمام 
أبو عبيد  في " فضائل القرآن " : حدثنا 
محمد بن صالح  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان  ، عن 
الحسن   : أن 
عمر  قرأ : ( 
إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع  ) ، فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوما  . 
وقوله : ( 
يوم تمور السماء مورا  ) : قال 
ابن عباس  وقتادة   : تتحرك تحريكا . وعن 
ابن عباس   : هو تشققها ، وقال 
مجاهد   : تدور دورا . وقال 
الضحاك   : استدارتها وتحريكها لأمر الله ، وموج بعضها في  
[ ص: 431 ] بعض . وهذا اختيار 
ابن جرير  أنه التحرك في استدارة . قال : وأنشد 
 nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة معمر بن المثنى  بيت 
الأعشى   : 
كأن مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل 
( 
وتسير الجبال سيرا  ) أي : تذهب فتصير هباء منبثا ، وتنسف نسفا . 
( 
فويل يومئذ للمكذبين  ) أي : ويل لهم ذلك اليوم من عذاب الله ونكاله بهم ، وعقابه لهم . 
( 
الذين هم في خوض يلعبون  ) أي : هم في الدنيا يخوضون في الباطل ، ويتخذون دينهم هزوا ولعبا . 
( 
يوم يدعون  ) أي : يدفعون ويساقون ، ( 
إلى نار جهنم دعا  ) : وقال 
مجاهد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب  ، والضحاك  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري   : يدفعون فيها دفعا . 
( 
هذه النار التي كنتم بها تكذبون  ) أي : تقول لهم الزبانية ذلك تقريعا وتوبيخا . 
( 
أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها  ) أي : ادخلوها دخول من تغمره من جميع جهاته ( 
فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم  ) أي : سواء صبرتم على عذابها ونكالها أم لم تصبروا ، لا محيد لكم عنها ولا خلاص لكم منها ، ( 
إنما تجزون ما كنتم تعملون  ) أي : ولا يظلم الله أحدا ، بل يجازي كلا بعمله .