صفحة جزء
القراءة على الدابة

حدثنا حجاج ، حدثنا شعبة ، أخبرني أبو إياس قال : سمعت عبد الله بن مغفل ، رضي الله عنه ، [ ص: 74 ] قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح .

وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة سوى ابن ماجه من طرق ، عن شعبة ، عن أبي إياس ، وهو معاوية بن قرة به وهذا - أيضا - له تعلق بما تقدم من تعاهد القرآن وتلاوته سفرا وحضرا ، ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارئ في الطريق ، وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق ، وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك ، وعن الإمام مالك أنه كره ذلك ، كما قال ابن أبي داود : وحدثني أبو الربيع ، أخبرنا ابن وهب [ قال ] سألت مالكا عن الرجل يصلي في آخر الليل ، فيخرج إلى المسجد ، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ فيها شيء ، فقال : ما أعلم القراءة تكون في الطريق .

وقال الشعبي : تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن : في الحمام ، وفي الحشوش ، وفي الرحى وهي تدور . وخالفه في القراءة في الحمام كثير من السلف : أنها لا تكره ، وهو مذهب مالك والشافعي وإبراهيم النخعي وغيرهم ، وروى ابن أبي داود عن علي بن أبي طالب : أنه كره ذلك ، ونقله ابن المنذر عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، والشعبي والحسن البصري ومكحول وقبيصة بن ذؤيب ، وهو رواية عن إبراهيم النخعي ، ومحكي عن أبي حنيفة ، رحمهم الله ، أن القراءة في الحمام تكره وأما القراءة في الحشوش فكراهتها ظاهرة ، ولو قيل بتحريم ذلك صيانة لشرف القرآن لكان مذهبا ، وأما القراءة في بيت الرحى وهي تدور فلئلا يعلو غير القرآن عليه ، والحق يعلو ولا يعلى ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية