[ ص: 249 ] تفسير سورة المزمل وهي مكية 
قال 
الحافظ أبو بكر [ أحمد ] بن عمرو بن عبد الخالق البزار   : حدثنا 
محمد بن موسى القطان الواسطي  ، حدثنا 
معلى بن عبد الرحمن  ، حدثنا 
شريك  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501423عن جابر  قال : اجتمعت قريش  في دار الندوة  فقالوا : سموا هذا الرجل اسما تصدر الناس عنه ، فقالوا : كاهن . قالوا : ليس بكاهن . قالوا : مجنون . قالوا : ليس بمجنون . قالوا : ساحر . قالوا : ليس بساحر ، فتفرق المشركون على ذلك ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فتزمل في ثيابه وتدثر فيها ، فأتاه جبريل ،  عليه السلام ، فقال : " يا أيها المزمل " " يا أيها المدثر "  . 
ثم قال 
البزار   : 
معلى بن عبد الرحمن  قد حدث عنه جماعة من أهل العلم ، واحتملوا حديثه ، لكن تفرد بأحاديث لا يتابع عليها . 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( 
يا أيها المزمل  ( 1 ) 
قم الليل إلا قليلا  ( 2 ) 
نصفه أو انقص منه قليلا  ( 3 ) 
أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا  ( 4 ) 
إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا  ( 5 ) 
إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا  ( 6 ) 
إن لك في النهار سبحا طويلا  ( 7 ) 
واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا  ( 8 ) 
رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا  ( 9 ) ) 
يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يترك التزمل ، وهو : التغطي في الليل ، وينهض إلى القيام لربه عز وجل ، كما قال تعالى : ( 
تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون  ) [ السجدة : 16 ] وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ممتثلا ما أمره الله تعالى به من قيام الليل ، وقد كان واجبا عليه وحده ، كما قال تعالى : ( 
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا  ) [ الإسراء : 79 ] وهاهنا بين له مقدار ما يقوم ، فقال تعالى : ( 
يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا  ) 
قال 
ابن عباس  والضحاك   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي   : ( 
يا أيها المزمل  ) يعني : يا أيها النائم . وقال 
قتادة   : المزمل في ثيابه ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي   : نزلت وهو متزمل بقطيفة . 
وقال 
شبيب بن بشر  ، عن 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس   : ( 
يا أيها المزمل  ) قال : يا 
محمد   [ ص: 250 ] زملت القرآن . 
وقوله : ( نصفه ) بدل من الليل ( 
أو انقص منه قليلا . أو زد عليه  ) أي : أمرناك أن تقوم نصف الليل بزيادة قليلة أو نقصان قليل ، لا حرج عليك في ذلك . 
وقوله : ( 
ورتل القرآن ترتيلا  ) أي : اقرأه على تمهل ، فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره . وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه ، قالت 
عائشة   : كان يقرأ السورة فيرتلها ، حتى تكون أطول من أطول منها . وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، عن 
أنس   : أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : كانت مدا ، ثم قرأ ( 
بسم الله الرحمن الرحيم  ) يمد " بسم الله " ، ويمد " الرحمن " ، ويمد " الرحيم " . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  nindex.php?page=hadith&LINKID=823237عن أم سلمة   : أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : كان يقطع قراءته آية آية ، ( بسم الله الرحمن الرحيم  . الحمد لله رب العالمين  . الرحمن الرحيم  . مالك يوم الدين  ) رواه 
أحمد  وأبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي   . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد   : حدثنا 
عبد الرحمن  ، عن 
سفيان  ، عن 
عاصم  ، عن 
زر  ، عن 
عبد الله بن عمرو  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=820146 " يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " . 
ورواه 
أبو داود   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي   nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي  من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري  به ، وقال 
الترمذي   : حسن صحيح . 
وقد قدمنا في أول التفسير الأحاديث الدالة على 
استحباب الترتيل وتحسين الصوت بالقراءة ، كما جاء في الحديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=820068 " زينوا القرآن بأصواتكم " ، و 
nindex.php?page=hadith&LINKID=820065 " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " ، و 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501424 " لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود " يعني : أبا موسى ، فقال أبو موسى : لو كنت أعلم أنك كنت تسمع قراءتي لحبرته لك تحبيرا  . 
وعن 
ابن مسعود  أنه قال : لا تنثروه نثر الرمل ولا تهذوه هذ الشعر ، قفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة  . رواه 
البغوي   . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   : حدثنا 
آدم  ، حدثنا 
شعبة  ، حدثنا 
عمرو بن مرة   : سمعت 
أبا وائل  قال : جاء رجل إلى 
ابن مسعود  فقال : قرأت المفصل الليلة في ركعة ، فقال : هذا كهذ الشعر . لقد عرفت  
[ ص: 251 ] النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن ، فذكر عشرين سورة من المفصل ، سورتين في ركعة  . 
وقوله : ( 
إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا  ) قال 
الحسن  وقتادة   : أي العمل به . 
وقيل : ثقيل وقت نزوله ; من عظمته . كما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت   : أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي ، فكادت ترض فخذي . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد   : حدثنا 
قتيبة  ، حدثنا 
ابن لهيعة  ، عن 
يزيد بن أبي حبيب  ، عن 
عمرو بن الوليد  nindex.php?page=hadith&LINKID=823238عن عبد الله بن عمرو  قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، هل تحس بالوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسمع صلاصيل ، ثم أسكت عند ذلك ، فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تفيض " ، تفرد به 
أحمد   . 
وفي أول صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، عن 
عبد الله بن يوسف  ، عن 
مالك  ، عن 
هشام  ، عن أبيه ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823239عن عائشة   : أن الحارث بن هشام  سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف يأتيك الوحي ؟ فقال : " أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده علي ، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول " . قالت عائشة   : ولقد رأيته ينزل عليه الوحي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الشديد البرد ، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا هذا لفظه . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد   : حدثنا 
سليمان بن داود  ، أخبرنا 
عبد الرحمن  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، عن أبيه ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823240عن عائشة  قالت : إن كان ليوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته ، فتضرب بجرانها  . 
وقال 
ابن جرير   : حدثنا 
ابن عبد الأعلى  ، حدثنا 
ابن ثور  ، عن 
معمر  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501425عن  nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة  ، عن أبيه ; أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته ، وضعت جرانها ، فما تستطيع أن تحرك حتى يسرى عنه  . 
وهذا مرسل . الجران : هو باطن العنق . 
واختار 
ابن جرير  أنه ثقيل من الوجهين معا ، كما قال 
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم   : كما ثقل في الدنيا ثقل يوم القيامة في الموازين . 
وقوله : ( 
إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا  ) قال 
أبو إسحاق  ، عن 
سعيد بن جبير  ، عن 
ابن عباس   : نشأ : قام 
بالحبشة   . 
وقال 
عمر   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  وابن الزبير   : الليل كله ناشئة . وكذا قال 
مجاهد  وغير واحد ،  
[ ص: 252 ] يقال : نشأ : إذا قام من الليل . وفي رواية عن 
مجاهد   : بعد العشاء . وكذا قال 
أبو مجلز  وقتادة  وسالم  وأبو حازم   nindex.php?page=showalam&ids=16920ومحمد بن المنكدر   . 
والغرض أن ناشئة الليل هي : ساعاته وأوقاته ، وكل ساعة منه تسمى ناشئة ، وهي الآنات . والمقصود أن 
قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان ، وأجمع على التلاوة ; ولهذا قال : ( 
هي أشد وطئا وأقوم قيلا  ) أي : أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار ; لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش . 
[ وقد ] قال الحافظ 
أبو يعلى الموصلي   : حدثنا 
إبراهيم بن سعيد الجوهري  ، حدثنا 
أبو أسامة  ، حدثنا 
الأعمش  ، أن 
أنس بن مالك  قرأ هذه الآية : " إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا " فقال له رجل : إنما نقرؤها ( 
وأقوم قيلا  ) فقال له : إن أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحد  . 
ولهذا قال : ( 
إن لك في النهار سبحا طويلا  ) قال 
ابن عباس  وعكرمة  وعطاء بن أبي مسلم   : الفراغ والنوم . 
وقال 
أبو العالية  ومجاهد  وابن مالك  والضحاك  والحسن  وقتادة   nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس   nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري   : فراغا طويلا . 
وقال 
قتادة   : فراغا وبغية ومنقلبا . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : ( سبحا طويلا ) تطوعا كثيرا . 
وقال 
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم  في قوله : ( 
 [ إن لك في النهار ] سبحا طويلا  ) قال : لحوائجك ، فأفرغ لدينك الليل . قال : وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة ، ثم إن الله من على العباد فخففها ووضعها ، وقرأ : ( 
قم الليل إلا قليلا  ) إلى آخر الآية ، ثم قال : ( 
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل  ) حتى بلغ : ( 
فاقرءوا ما تيسر منه  ) [ الليل نصفه أو ثلثه . ثم جاء أمر أوسع وأفسح وضع الفريضة عنه وعن أمته ] فقال : قال : ( 
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا  ) [ الإسراء : 49 ] وهذا الذي قاله كما قاله . 
والدليل عليه ما رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  في مسنده حيث قال : حدثنا 
يحيى  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة  ، عن 
قتادة  ، عن 
زرارة بن أوفى  عن 
سعيد بن هشام   : أنه طلق امرأته ثم ارتحل إلى 
المدينة  ليبيع عقارا له بها ويجعله في الكراع والسلاح ، ثم يجاهد 
الروم  حتى يموت ، فلقي رهطا من قومه فحدثوه أن رهطا من قومه ستة أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أليس لكم في أسوة ؟ "  
[ ص: 253 ] فنهاهم عن ذلك ، فأشهدهم على رجعتها ، ثم رجع إلينا فأخبرنا أنه أتى 
ابن عباس  فسأله عن الوتر ، فقال : ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . قال : ائت 
عائشة  فاسألها ثم ارجع إلي فأخبرني بردها عليك . قال : فأتيت على 
حكيم بن أفلح  فاستلحقته إليها ، فقال : ما أنا بقاربها ; إني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئا ، فأبت فيهما إلا مضيا ، فأقسمت عليه ، فجاء معي ، فدخلنا عليها فقالت : 
حكيم ؟  وعرفته ، قال : نعم . قالت : من هذا معك ؟ قال : 
سعيد بن هشام   . قالت : من 
هشام ؟  قال : 
ابن عامر   . قال : فترحمت عليه وقالت : نعم المرء كان 
عامر   . قلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قلت : بلى . قالت : فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن ، فهممت أن أقوم ، ثم بدا لي قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : ألست تقرأ هذه السورة : ( يا أيها المزمل ) ؟ قلت : بلى . 
nindex.php?page=hadith&LINKID=823241قالت : فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فريضة ، فهممت أن أقوم ، ثم بدا لي وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : كنا نعد له سواكه وطهوره ، فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل ، فيتسوك ثم يتوضأ ثم يصلي ثماني ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة ، فيجلس ويذكر ربه تعالى ويدعو [ ويستغفر ثم ينهض وما يسلم . ثم يصلي التاسعة فيقعد فيحمد ربه ويذكره ويدعو ] ثم يسلم تسليما يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم ، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني ، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم ، أوتر بسبع ، ثم صلى ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم ، فتلك تسع يا بني . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها ، وكان إذا شغله عن قيام الليل نوم أو وجع أو مرض ، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا قام ليلة حتى أصبح ، ولا صام شهرا كاملا غير رمضان  . 
فأتيت 
ابن عباس  فحدثته بحديثها ، فقال : صدقت ، أما لو كنت أدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني مشافهة . 
هكذا رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد  بتمامه . وقد أخرجه 
مسلم  في صحيحه ، من حديث 
قتادة  بنحوه . 
طريق أخرى عن 
عائشة  في هذا المعنى : قال 
ابن جرير   : حدثنا 
ابن وكيع  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب   - وحدثنا 
ابن حميد  ، حدثنا 
مهران  قالا جميعا ، واللفظ 
لابن وكيع   : عن 
موسى بن عبيدة  ، حدثني 
محمد بن طحلاء  ، عن 
أبي سلمة  ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501426عن عائشة  قالت : كنت أجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرا يصلي عليه من الليل ، فتسامع الناس به فاجتمعوا ، فخرج كالمغضب - وكان بهم رحيما ، فخشي أن يكتب  [ ص: 254 ] عليهم قيام الليل - فقال : " أيها الناس ، اكلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل ، وخير الأعمال ما ديم عليه " . ونزل القرآن : ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه  ) حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق ، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر ، فرأى الله ما يبتغون من رضوانه ، فرحمهم فردهم إلى الفريضة ، وترك قيام الليل  . 
ورواه 
ابن أبي حاتم  من طريق 
موسى بن عبيدة الربذي  وهو ضعيف . والحديث في الصحيح بدون زيادة نزول هذه السورة ، وهذا السياق قد يوهم أن نزول هذه السورة بالمدينة ، وليس كذلك ، وإنما هي مكية . وقوله في هذا السياق : إن بين نزول أولها وآخرها ثمانية أشهر - غريب ; فقد تقدم في رواية أحمد أنه كان بينهما سنة . 
وقال 
ابن أبي حاتم   : حدثنا 
أبو سعيد الأشج  ، حدثنا 
أبو أسامة  ، عن 
مسعر  ، عن 
سماك الحنفي  ، سمعت 
ابن عباس  يقول : أول ما نزل : أول المزمل ، كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان ، وكان بين أولها وآخرها قريب من سنة  . 
وهكذا رواه 
ابن جرير  ، عن 
أبي كريب  ، عن 
أبي أسامة  به . 
وقال 
الثوري   nindex.php?page=showalam&ids=16925ومحمد بن بشر العبدي  كلاهما عن 
مسعر  ، عن 
سماك  ، عن 
ابن عباس   : كان بينهما سنة . وروى 
ابن جرير  ، عن 
أبي كريب  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع  ، عن 
إسرائيل  ، عن 
سماك  ، عن 
عكرمة  ، عن 
ابن عباس  مثله . 
وقال 
ابن جرير   : حدثنا 
ابن حميد  ، حدثنا 
مهران  ، عن 
سفيان  ، عن 
قيس بن وهب  عن 
أبي عبد الرحمن  قال : لما نزلت : ( يا أيها المزمل ) قاموا حولا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم ، حتى نزلت : ( 
فاقرءوا ما تيسر منه  ) قال : فاستراح الناس  . 
وكذا قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري   . 
وقال 
ابن أبي حاتم   : [ حدثنا 
أبو زرعة  ، حدثنا 
عبيد الله بن عمر القواريري  ، حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام  حدثنا أبي ] عن 
قتادة  ، عن 
زرارة بن أوفى  nindex.php?page=hadith&LINKID=823242عن سعد بن هشام  قال : فقلت - يعني  nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة   - : أخبرينا عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم  . قالت : ألست تقرأ : ( يا أيها المزمل ) ؟ قلت : بلى . قالت : فإنها كانت قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، حتى انتفخت أقدامهم ، وحبس آخرها في السماء ستة عشر شهرا ، ثم نزل  . 
وقال 
معمر  عن 
قتادة   : ( قم الليل إلا قليلا ) قاموا حولا أو حولين ، حتى انتفخت سوقهم  
[ ص: 255 ] وأقدامهم ، فأنزل الله تخفيفها بعد في آخر السورة  . 
وقال 
ابن جرير   : حدثنا 
ابن حميد  ، حدثنا 
يعقوب القمي  ، عن 
جعفر  عن 
سعيد - هو ابن جبير   - قال : لما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها المزمل ) قال : مكث النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل ، كما أمره ، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه ، فأنزل الله عليه بعد عشر سنين : ( 
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك  ) إلى قوله : ( 
وأقيموا الصلاة  ) فخفف الله تعالى عنهم بعد عشر سنين  . 
ورواه 
ابن أبي حاتم  ، عن أبيه ، عن 
عمرو بن رافع  ، عن 
يعقوب القمي  به . 
وقال 
علي بن أبي طلحة  ، عن 
ابن عباس  في قوله : ( 
يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا [ أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا  ) فأمر الله نبيه والمؤمنين بقيام الليل إلا قليلا ] فشق ذلك على المؤمنين ، ثم خفف الله عنهم ورحمهم ، فأنزل بعد هذا : ( 
علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض  ) إلى قوله : ( 
فاقرءوا ما تيسر منه  ) فوسع الله - وله الحمد - ولم يضيق . 
وقوله : ( 
واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا  ) أي : أكثر من ذكره ، وانقطع إليه ، وتفرغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك ، وما تحتاج إليه من أمور دنياك ، كما قال : ( 
فإذا فرغت فانصب  ) [ الشرح : 7 ] أي : إذا فرغت من مهامك فانصب في طاعته وعبادته ، لتكون فارغ البال . قاله 
ابن زيد  بمعناه أو قريب منه . 
وقال 
ابن عباس  ومجاهد   nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح  وعطية  والضحاك   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي   : ( وتبتل إليه تبتيلا ) أي : أخلص له العبادة . 
وقال 
الحسن   : اجتهد وبتل إليه نفسك . 
وقال 
ابن جرير   : يقال للعابد : متبتل ، ومنه الحديث المروي : أنه نهى عن التبتل ، يعني : الانقطاع إلى العبادة وترك التزوج . 
وقوله : ( 
رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا  ) أي : هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب لا إله إلا هو ، وكما أفردته بالعبادة فأفرده بالتوكل ، ( فاتخذه وكيلا ) كما قال في الآية الأخرى : ( 
فاعبده وتوكل عليه  ) [ هود : 123 ] وكقوله : ( 
إياك نعبد وإياك نستعين  ) وآيات كثيرة في هذا المعنى ، فيها الأمر بإفراد العبادة والطاعة لله ، وتخصيصه بالتوكل عليه .