1. الرئيسية
  2. تفسير ابن كثير
  3. تفسير سورة لم يكن
  4. تفسير قوله تعالى " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة "
صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ( 1 ) رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ( 2 ) فيها كتب قيمة ( 3 ) وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ( 4 ) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ( 5 ) )

أما أهل الكتاب فهم : اليهود والنصارى والمشركون ؛ عبدة الأوثان والنيران ، من العرب ومن العجم . وقال مجاهد : لم يكونوا ( منفكين ) يعني : منتهين حتى يتبين لهم الحق . وكذا قال قتادة .

( حتى تأتيهم البينة ) أي : هذا القرآن ; ولهذا قال تعالى : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) ثم فسر البينة بقوله : ( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ) يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم ، وما يتلوه من القرآن العظيم ، الذي هو مكتتب في الملأ الأعلى ، في صحف مطهرة كقوله : ( في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ) [ عبس : 13 - 16 ] .

وقوله : ( فيها كتب قيمة ) قال ابن جرير : أي في الصحف المطهرة كتب من الله ، قيمة : عادلة مستقيمة ، ليس فيها خطأ ; لأنها من عند الله عز وجل .

قال قتادة : ( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ) يذكر القرآن بأحسن الذكر ، ويثني عليه بأحسن الثناء .

وقال ابن زيد : ( فيها كتب قيمة ) مستقيمة معتدلة .

وقوله : ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ) كقوله : [ ص: 457 ] ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ) [ آل عمران : 105 ] يعني بذلك أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا ، بعد ما أقام الله عليهم الحجج والبينات تفرقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم ، واختلفوا اختلافا كثيرا ، كما جاء في الحديث المروي من طرق : " إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى اختلفوا على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة " . قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " .

وقوله : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) كقوله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] ; ولهذا قال : حنفاء ، أي : متحنفين عن الشرك إلى التوحيد . كقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] وقد تقدم تقرير الحنيف في سورة " الأنعام " بما أغنى عن إعادته هاهنا .

( ويقيموا الصلاة ) وهي أشرف عبادات البدن ( ويؤتوا الزكاة ) وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج . ( وذلك دين القيمة ) أي : الملة القائمة العادلة ، أو : الأمة المستقيمة المعتدلة .

وقد استدل كثير من الأئمة كالزهري والشافعي بهذه الآية الكريمة على أن الأعمال داخلة في الإيمان ; ولهذا قال : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )

التالي السابق


الخدمات العلمية