1. الرئيسية
  2. تفسير ابن كثير
  3. تفسير سورة آل عمران
  4. تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين "
صفحة جزء
( ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ( 100 ) )

( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ( 101 ) )

يحذر تعالى عباده المؤمنين عن أن يطيعوا طائفة من الذين أوتوا الكتاب ، الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله ، وما منحهم به من إرسال رسوله كما قال تعالى : ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ) [ البقرة : 109 ] وهكذا قال هاهنا : ( إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ) ثم قال ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) يعني : أن الكفر بعيد منكم وحاشاكم منه ، فإن آيات الله تنزل على رسوله ليلا ونهارا ، وهو يتلوها عليكم ويبلغها إليكم ، وهذا كقوله تعالى : ( وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ) [ الحديد : 8 ] والآية بعدها . وكما جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ " قالوا : الملائكة . قال : " وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟! " وذكروا الأنبياء قال : " وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ " قالوا : فنحن . قال : " وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟! " قالوا : فأي الناس أعجب إيمانا ؟ قال : " قوم يجيئون من بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " . وقد ذكرت سند هذا الحديث والكلام عليه في أول شرح البخاري ، ولله الحمد .

ثم قال تعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) أي : ومع هذا فالاعتصام بالله والتوكل عليه هو العمدة في الهداية ، والعدة في مباعدة الغواية ، والوسيلة إلى الرشاد وطريق السداد وحصول المراد .

التالي السابق


الخدمات العلمية