صفحة جزء
من راءى بقراءة القرآن

أو تأكل به
أو فجر به

حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، عن خيثمة ، عن سويد بن غفلة ، قال علي ، رضي الله عنه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة . [ ص: 86 ]

وقد روي في موضعين آخرين ، ومسلم وأبو داود والنسائي ، من طرق عن الأعمش به ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وعملكم مع عملهم ، ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر في النصل فلا يرى شيئا ، وينظر في القدح فلا يرى شيئا ، وينظر في الريش فلا يرى شيئا ، ويتمارى في الفوق .

ورواه في موضع آخر ، ومسلم - أيضا - والنسائي من طرق عن الزهري ، عن أبي سلمة به .

حدثنا مسدد بن مسرهد ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن أبي موسى ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب ، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر - أو خبيث - وريحها مر .

ورواه في موضع آخر مع بقية الجماعة من طرق ، عن قتادة به .

ومضمون هذه الأحاديث التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب ، كما جاء في الحديث : واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه يعني : القرآن .

والمذكورون في حديث علي وأبي سعيد هم الخوارج ، وهم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، وقد قال في الرواية الأخرى : يحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم ، وصلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم . ومع هذا أمر بقتلهم لأنهم مراءون في أعمالهم في نفس الأمر ، وإن كان بعضهم قد لا يقصد ذلك ، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح ، فكانوا في ذلك كالمذمومين في قوله : ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) [ التوبة : 109 ] ، وقد اختلف العلماء في تكفير الخوارج وتفسيقهم ورد روايتهم ، كما سيأتي [ تفصيله ] في موضعه إن شاء الله . [ ص: 87 ]

والمنافق المشبه بالريحانة التي لها الريح ظاهر وطعمها مر هو المرائي بتلاوته ، كما قال تعالى : ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) [ النساء : 142 ] .

ثم قال البخاري :

التالي السابق


الخدمات العلمية