صفحة جزء
[ ص: 279 ] ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ( 70 ) )

يقول تعالى : ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا ) أي : دعهم وأعرض عنهم وأمهلهم قليلا فإنهم صائرون إلى عذاب عظيم ; ولهذا قال : ( وذكر به ) أي : وذكر الناس بهذا القرآن ، وحذرهم نقمة الله وعذابه الأليم يوم القيامة .

وقوله : ( أن تبسل نفس بما كسبت ) أي : لئلا تبسل . قال الضحاك ، عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن والسدي : تبسل : تسلم .

وقال الوالبي ، عن ابن عباس : تفضح . وقال قتادة : تحبس . وقال مرة وابن زيد تؤاخذ . وقال الكلبي : تجازى

وكل هذه العبارات متقاربة في المعنى ، وحاصلها الإسلام للهلكة ، والحبس عن الخير ، والارتهان عن درك المطلوب ، كما قال : ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ) [ المدثر : 38 ، 39 ] .

وقوله : ( ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع ) أي : لا قريب ولا أحد يشفع فيها ، كما قال : ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون ) [ البقرة : 254 ] .

وقوله : ( وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها ) أي : ولو بذلت كل مبذول ما قبل منها كما قال : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا [ ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ] ) [ آل عمران : 91 ] ، وهكذا قال ههنا : ( أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )

التالي السابق


الخدمات العلمية