ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون قال 
ابن عباس   : ( 
ويقيمون الصلاة أي : يقيمون الصلاة بفروضها . 
وقال 
الضحاك  ، عن 
ابن عباس   : إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها وفيها . 
وقال 
قتادة   : إقامة الصلاة : المحافظة على مواقيتها ، ووضوئها ، وركوعها وسجودها  . 
وقال 
مقاتل بن حيان   : إقامتها : المحافظة على مواقيتها ، وإسباغ الطهور فيها ، وتمام ركوعها وسجودها ، وتلاوة القرآن فيها ، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا إقامتها . 
وقال 
علي بن أبي طلحة  ، وغيره عن 
ابن عباس   : ( 
ومما رزقناهم ينفقون قال : زكاة أموالهم  . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  ، عن 
أبي مالك  ، وعن 
أبي صالح  ، عن 
ابن عباس  ، وعن 
مرة  ، عن 
ابن مسعود  ، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( 
ومما رزقناهم ينفقون قال : هي نفقة الرجل على أهله ، وهذا قبل أن تنزل الزكاة . 
وقال 
جويبر  ، عن 
الضحاك   : كانت النفقات قربات ، يتقربون بها إلى الله على قدر ميسرتهم وجهدهم ، حتى نزلت فرائض الصدقات : سبع آيات في سورة " براءة " ، مما يذكر فيهن الصدقات ، هن الناسخات المثبتات  . 
وقال قتادة : ( 
ومما رزقناهم ينفقون فأنفقوا مما أعطاكم الله ؛ هذه الأموال عواري ، وودائع عندك يا ابن آدم ، يوشك أن تفارقها  . 
واختار 
ابن جرير  أن الآية عامة في الزكاة والنفقات ؛ فإنه قال : وأولى التأويلات وأحقها بصفة القوم : أن يكونوا لجميع اللازم لهم في أموالهم مؤدين ، زكاة كان ذلك أو نفقة من لزمته نفقته من أهل ، أو عيال ، وغيرهم ، ممن تجب عليهم نفقته بالقرابة والملك ، وغير ذلك ؛ لأن الله تعالى عم وصفهم ومدحهم بذلك ، وكل من الإنفاق والزكاة ممدوح به محمود عليه . 
قلت : كثيرا ما يقرن الله تعالى بين الصلاة والإنفاق من الأموال ؛ فإن الصلاة حق الله وعبادته ، وهي مشتملة على توحيده ، والثناء عليه ، وتمجيده ، والابتهال إليه ، ودعائه ، والتوكل عليه ، والإنفاق هو  
[ ص: 169 ] الإحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم ، وأولى الناس بذلك القرابات ، والأهلون ، والمماليك ، ثم الأجانب ، فكل من النفقات الواجبة ، والزكاة المفروضة داخل في قوله تعالى : ( 
ومما رزقناهم ينفقون ؛ ولهذا ثبت في الصحيحين ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=822041بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت  . والأحاديث في هذا كثيرة . 
وأصل الصلاة في كلام العرب الدعاء ، قال 
الأعشى   : 
لها حارس لا يبرح الدهر بيتها وإن ذبحت صلى عليها وزمزما 
وقال أيضا : 
وقابلها الريح في دنها     وصلى على دنها وارتسم 
أنشدهما 
ابن جرير  مستشهدا على ذلك . وقال الآخر : 
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا     يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا 
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي     نوما فإن لجنب المرء مضطجعا 
يقول : عليك من الدعاء مثل الذي دعيته لي . وهذا ظاهر ، ثم استعملت الصلاة في الشرع في ذات الركوع والسجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة ، بشروطها المعروفة ، وصفاتها ، وأنواعها [ المشروعة ] المشهورة . 
وقال 
ابن جرير   : وأرى أن الصلاة المفروضة سميت صلاة ؛ لأن المصلي يتعرض لاستنجاح طلبته من ثواب الله بعمله ، مع ما يسأل ربه من حاجته . 
[ وقيل : هي مشتقة من الصلوين إذا تحركا في الصلاة عند الركوع ، وهما عرقان يمتدان من الظهر حتى يكتنفا عجب الذنب ، ومنه سمي المصلي ؛ وهو الثاني للسابق في حلبة الخيل ، وفيه نظر ، وقيل : هي مشتقة من الصلى ، وهو الملازمة للشيء من قوله : ( 
لا يصلاها  ) أي : يلزمها ويدوم فيها 
إلا الأشقى  ) [ الليل : 15 ] وقيل : مشتقة من تصلية الخشبة في النار لتقوم ، كما أن المصلي يقوم عوجه بالصلاة : ( 
إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر  ) [ العنكبوت : 45 ] واشتقاقها من الدعاء أصح وأشهر ، والله أعلم ] . 
وأما الزكاة فسيأتي الكلام عليها في موضعه ، إن شاء الله .