( 
فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود  ( 82 ) 
مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد  ( 83 ) ) 
يقول تعالى : ( 
فلما جاء أمرنا  ) وكان ذلك عند طلوع الشمس ، ( 
جعلنا عاليها  ) وهي [ قريتهم العظيمة وهي ] سدوم [ ومعاملتها ] ( 
سافلها  ) كقوله ) [ 
والمؤتفكة أهوى  ] 
فغشاها ما غشى  ) [ النجم : 53 ، 54 ] أي : أمطرنا عليها حجارة من " سجيل " وهي بالفارسية : حجارة من طين ، قاله 
ابن عباس  وغيره . 
وقال بعضهم : أي من " سنك " وهو الحجر ، و " كل " وهو الطين ، وقد قال في الآية الأخرى : ( 
حجارة من طين  ) [ الذاريات : 33 ] أي : مستحجرة قوية شديدة . وقال بعضهم : مشوية ، [ وقال بعضهم : مطبوخة قوية صلبة ] وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري   . " سجيل " : الشديد الكبير . سجيل وسجين واحد ، اللام والنون أختان ، وقال 
تميم بن مقبل   : 
ورجلة يضربون البيض ضاحية ضربا تواصت به الأبطال سجينا 
وقوله : ( منضود ) قال بعضهم : منضودة في السماء ، أي : معدة لذلك . 
وقال آخرون : ( منضود ) أي : يتبع بعضها بعضا في نزولها عليهم . 
وقوله : ( مسومة ) أي معلمة مختومة ، عليها أسماء أصحابها ، كل حجر مكتوب عليه اسم الذي ينزل عليه .  
[ ص: 341 ] 
وقال 
قتادة  وعكرمة   : ( مسومة ) [ أي ] مطوقة ، بها نضح من حمرة . 
وذكروا أنها نزلت على أهل البلد ، وعلى المتفرقين في القرى مما حولها ، فبينا أحدهم يكون عند الناس يتحدث ، إذ جاءه حجر من السماء فسقط عليه من بين الناس ، فدمره ، فتتبعهم الحجارة من سائر البلاد ، حتى أهلكتهم عن آخرهم فلم يبق منهم أحد . 
وقال 
مجاهد   : أخذ 
جبريل  قوم 
لوط  من سرحهم ودورهم ، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم ، ورفعهم حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ثم أكفأهم [ وقال ] وكان حملهم على خوافي جناحه الأيمن . قال : ولما قلبها كان أول ما سقط منها شذانها  . 
وقال 
قتادة   : بلغنا أن جبريل أخذ بعروة القرية الوسطى ، ثم ألوى بها إلى جو السماء ، حتى سمع أهل السماء ضواغي كلابهم ، ثم دمر بعضها على بعض ، ثم أتبع شذاذ القوم سخرا - قال : وذكر لنا أنهم كانوا أربع قرى ، في كل قرية مائة ألف - وفي رواية : [ كانوا ] ثلاث قرى ، الكبرى منها سدوم . قال : وبلغنا أن إبراهيم - عليه السلام - كان يشرف على سدوم ، ويقول : سدوم ، يوم ، ما لك ؟  . 
وفي رواية عن 
قتادة  وغيره : بلغنا أن 
جبريل  عليه السلام ، لما أصبح نشر جناحه ، فانتسف به أرضهم بما فيها من قصورها ودوابها وحجارتها وشجرها ، وجميع ما فيها ، فضمها في جناحه ، فحواها وطواها في جوف جناحه ، ثم صعد بها إلى السماء الدنيا ، حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب ، وكانوا أربعة آلاف ألف ، ثم قلبها ، فأرسلها إلى الأرض منكوسة ، ودمدم بعضها على بعض ، فجعل عاليها سافلها ، ثم أتبعها حجارة من سجيل  . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي   : كانت قرى قوم 
لوط  خمس قريات : " سدوم " ، وهي العظمى ، و " صعبة " و " صعوة " و " عثرة " و " دوما " ، احتملها جبريل بجناحه ، ثم صعد بها ، حتى إن أهل السماء الدنيا ليسمعون نابحة كلابها ، وأصوات دجاجها ، ثم كفأها على وجهها ، ثم أتبعها الله بالحجارة ، يقول الله تعالى : ( 
جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل  ) فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات  . 
وقال السدي : لما أصبح قوم لوط ، نزل جبريل فاقتلع الأرض من سبع أرضين ، فحملها حتى بلغ بها السماء ، حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم ، وأصوات ديوكهم ، ثم قلبها فقتلهم ، فذلك  
[ ص: 342 ] قوله ( 
والمؤتفكة أهوى  ) [ النجم : 53 ] ، ومن لم يمت حين سقط للأرض ، أمطر الله عليه وهو تحت الأرض الحجارة ، ومن كان منهم شاذا في الأرض يتبعهم في القرى ، فكان الرجل يتحدث فيأتيه الحجر فيقتله ، فذلك قوله عز وجل : ( 
وأمطرنا عليهم  ) أي : في القرى حجارة من سجيل  . هكذا قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   . 
وقوله : ( 
وما هي من الظالمين ببعيد  ) أي : وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ، ببعيد عنه . 
وقد ورد في الحديث المروي في السنن عن 
ابن عباس  مرفوعا 
nindex.php?page=hadith&LINKID=821381 " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به "  . 
وذهب 
الإمام الشافعي  في قول عنه وجماعة من العلماء إلى أن اللائط يقتل ، سواء كان محصنا أو غير محصن ، عملا بهذا الحديث . 
وذهب 
الإمام أبو حنيفة   [ رحمه الله إلى ] أنه يلقى من شاهق ، ويتبع بالحجارة ، كما فعل الله بقوم 
لوط ،  والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .