1. الرئيسية
  2. تفسير ابن كثير
  3. تفسير سورة هود
  4. تفسير قوله تعالى " فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل "
صفحة جزء
( فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ( 109 ) ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب ( 110 ) وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير ( 111 ) )

يقول تعالى : ( فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ) المشركون ، إنه باطل وجهل وضلال ، فإنهم إنما يعبدون ما يعبد آباؤهم من قبل ، أي : ليس لهم مستند فيما هم فيه إلا اتباع الآباء في الجهالات ، وسيجزيهم الله على ذلك أتم الجزاء فيعذب كافرهم عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ، وإن كان لهم حسنات فقد وفاهم الله إياها في الدنيا قبل الآخرة .

قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ) قال : ما وعدوا فيه من خير أو شر .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لموفوهم من العذاب نصيبهم غير منقوص . ثم ذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب ، فاختلف الناس فيه ، فمن مؤمن به ، ومن كافر به ، فلك بمن سلف من الأنبياء قبلك يا محمد أسوة ، فلا يغيظنك تكذيبهم لك ، ولا يهيدنك ذلك .

( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ) قال ابن جرير : لولا ما تقدم من تأجيله العذاب إلى أجل معلوم ، لقضى الله بينهم .

ويحتمل أن يكون المراد بالكلمة ، أنه لا يعذب أحدا إلا بعدم قيام الحجة عليه ، وإرسال الرسول إليه ، كما قال : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] ; فإنه قد قال في الآية الأخرى : ( ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى فاصبر على ما يقولون ) [ طه : 129 ، 130 ] . [ ص: 354 ]

ثم أخبر أن الكافرين في شك - مما جاءهم به الرسول - قوي ، فقال ( وإنهم لفي شك منه مريب ) .

ثم أخبرنا تعالى أنه سيجمع الأولين والآخرين من الأمم ، ويجزيهم بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فقال : ( وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير ) أي : عليم بأعمالهم جميعها ، جليلها وحقيرها ، صغيرها وكبيرها .

وفي هذه الآية قراءات كثيرة ، ويرجع معناها إلى هذا الذي ذكرناه ، كما في قوله تعالى : ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ) [ يس : 32 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية