[ ص: 372 ]  ( 
لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين  ( 7 ) 
إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين  ( 8 ) 
اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين  ( 9 ) 
قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين  ( 10 ) ) 
يقول تعالى : لقد كان في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات ، أي عبرة ومواعظ للسائلين عن ذلك ، المستخبرين عنه ، فإنه خبر عجيب ، يستحق أن يستخبر عنه ، ( 
إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا  ) أي : حلفوا فيما يظنون : والله 
ليوسف  وأخوه ، يعنون 
بنيامين ،  وكان شقيقه لأمه ( 
أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة  ) أي : جماعة ، فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة; ( 
إن أبانا لفي ضلال مبين  ) يعنون في تقديمهما علينا ، ومحبته إياهما أكثر منا . 
واعلم أنه لم يقم دليل على 
نبوة إخوة يوسف ،  وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك ، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك ، وفي هذا نظر . ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل ، ولم يذكروا سوى قوله تعالى : ( 
قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط  ) [ البقرة : 136 ] وهذا فيه احتمال; لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم : الأسباط ، كما يقال للعرب : قبائل ، وللعجم : شعوب; يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل ، فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون ، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة 
يوسف ،  ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم ، والله أعلم . 
( 
اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم  ) يقولون : هذا الذي يزاحمكم في محبة أبيكم لكم ، أعدموه من وجه أبيكم ، ليخلو لكم وحدكم ، إما بأن تقتلوه ، أو تلقوه في أرض من الأراضي ، تستريحوا منه ، وتختلوا أنتم بأبيكم ، وتكونوا من بعد إعدامه قوما صالحين . فأضمروا التوبة قبل الذنب . 
( 
قال قائل منهم  ) قال 
قتادة ،   nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق   : كان أكبرهم واسمه 
روبيل   . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : الذي قال ذلك 
يهوذا   . وقال 
مجاهد   : هو 
شمعون   ( 
لا تقتلوا يوسف  ) أي : لا تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله ، ولم يكن لهم سبيل إلى قتله; لأن الله تعالى كان يريد منه أمرا لا بد من إمضائه وإتمامه ، من الإيحاء إليه بالنبوة ، ومن التمكين له ببلاد 
مصر  والحكم بها ، فصرفهم الله عنه بمقالة 
روبيل  فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب ، وهو أسفله . 
قال 
قتادة   : وهي بئر 
بيت المقدس   . 
( 
يلتقطه بعض السيارة  ) أي : المارة من المسافرين ، فتستريحوا بهذا ، ولا حاجة إلى قتله . 
( 
إن كنتم فاعلين  ) أي : إن كنتم عازمين على ما تقولون . 
قال 
محمد بن إسحاق بن يسار   : لقد اجتمعوا على أمر عظيم ، من قطيعة الرحم ، وعقوق  
[ ص: 373 ] الوالد ، وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له ، وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل ، وخطره عند الله ، مع حق الوالد على ولده ، ليفرقوا بينه وبين ابنه وحبيبه ، على كبر سنه ، ورقة عظمه ، مع مكانه من الله فيمن أحبه طفلا صغيرا ، وبين أبيه على ضعف قوته وصغر سنه ، وحاجته إلى لطف والده وسكونه إليه ، يغفر الله لهم وهو أرحم الراحمين ، فقد احتملوا أمرا عظيما . 
رواه 
ابن أبي حاتم  من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل  ، عنه .