صفحة جزء
( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون ( 52 ) وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ( 53 ) )

[ ص: 261 ] يقول تعالى : واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم ، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه ، عند انقضاء أمد المواعدة ، وكانت أربعين يوما ، وهي المذكورة في الأعراف ، في قوله تعالى : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ) [ الأعراف : 142 ] قيل : إنها ذو القعدة بكماله وعشر من ذي الحجة ، وكان ذلك بعد خلاصهم من قوم فرعون وإنجائهم من البحر .

وقوله : ( وإذ آتينا موسى الكتاب ) يعني : التوراة ( والفرقان ) وهو ما يفرق بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ( لعلكم تهتدون ) وكان ذلك - أيضا - بعد خروجهم من البحر ، كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف . ولقوله تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون ) [ القصص : 43 ] .

وقيل : الواو زائدة ، والمعنى : ولقد آتينا موسى الكتاب والفرقان وهذا غريب ، وقيل : عطف عليه وإن كان المعنى واحدا ، كما في قول الشاعر :


وقدمت الأديم لراقشيه فألفى قولها كذبا ومينا



وقال الآخر :


ألا حبذا هند وأرض بها هند     وهند أتى من دونها النأي والبعد



فالكذب هو المين ، والنأي : هو البعد . وقال عنترة :


حييت من طلل تقادم عهده     أقوى وأقفر بعد أم الهيثم



فعطف الإقفار على الإقواء وهو هو .

التالي السابق


الخدمات العلمية