القول في تأويل قوله جل ثناؤه ( 
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله  ) 
قال 
أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " . 
فقال بعضهم : هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من 
مكة   [ ص: 101 ] إلى 
المدينة  خاصة ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
ذكر من قال ذلك : 
7606 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
عمرو بن حماد  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
سماك ،  عن 
سعيد بن جبير ،  عن 
ابن عباس ،  قال في : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : هم الذين خرجوا معه من 
مكة   . 
7607 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
ابن عطية ،  عن 
قيس ،  عن 
سماك ،  عن 
عكرمة ،  عن 
ابن عباس   : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : هم الذين هاجروا من 
مكة  إلى 
المدينة   . 
7608 - حدثنا 
محمد بن الحسين  قال : حدثنا 
أحمد  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر  " ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب   : لو شاء الله لقال : "أنتم " ، فكنا كلنا ، ولكن قال : "كنتم " في خاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن صنع مثل صنيعهم ، كانوا خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر  . 
7609 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج  قال : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  قال : 
عكرمة   : نزلت في 
ابن مسعود ،  وسالم   nindex.php?page=showalam&ids=267مولى أبي حذيفة ،   nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ،   nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل   . 
7610 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
مصعب بن المقدام ،  عن 
إسرائيل ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ،  عمن حدثه : قال 
عمر   : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا  . 
7611 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
إسرائيل ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ،  عن 
سعيد بن جبير ،  عن 
ابن عباس   : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى 
المدينة   .  
[ ص: 102 ] 
7612 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قال : ذكر لنا أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  قال في حجة حجها ورأى من الناس رعة سيئة ، فقرأ هذه : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، الآية . ثم قال : يا أيها الناس ، من سره أن يكون من تلك الأمة ، فليؤد شرط الله منها  . 
7613 - حدثني 
يحيى بن أبي طالب  قال : أخبرنا 
يزيد  قال : أخبرنا 
جويبر ،  عن 
الضحاك  في قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، يعني وكانوا هم الرواة الدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم  . 
وقال آخرون : معنى ذلك : 
كنتم خير أمة أخرجت للناس ، إذا كنتم بهذه الشروط التي وصفهم جل ثناؤه بها . فكان تأويل ذلك عندهم : كنتم خير أمة تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ، أخرجوا للناس في زمانكم . 
ذكر من قال ذلك : 
7614 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،  عن 
ابن نجيح ،  عن 
مجاهد  في قول الله عز وجل : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، يقول : على هذا الشرط : أن تأمروا بالمعروف ، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله يقول : لمن أنتم بين ظهرانيه ، كقوله : ( 
ولقد اخترناهم على علم على العالمين  ) [ سورة الدخان : 32 ] . 
7615 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج ،  عن  
[ ص: 103 ]  nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
مجاهد  قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال يقول : كنتم خير الناس للناس على هذا الشرط : أن تأمروا بالمعروف ، وتنهوا عن المنكر . وتؤمنوا بالله يقول : لمن بين ظهريه ، كقوله : ( 
ولقد اخترناهم على علم على العالمين  ) [ سورة الدخان : 32 ] . 
7616 - وحدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن 
سفيان ،  عن 
ميسرة ،  عن 
أبي حازم ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة   : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : كنتم خير الناس للناس ، تجيئون بهم في السلاسل ، تدخلونهم في الإسلام  . 
7617 - حدثنا 
عبيد بن أسباط  قال : حدثنا أبي ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق ،  عن 
عطية  في قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : خير الناس للناس  . 
وقال آخرون : إنما قيل : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، لأنهم أكثر الأمم استجابة للإسلام . 
ذكر من قال ذلك : 
7618 - حدثت عن 
عمار بن الحسن  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع ،  قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر  " ، قال : لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة ، فمن ثم قال : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " .  
[ ص: 104 ] 
وقال بعضهم : عنى بذلك أنهم كانوا خير أمة أخرجت للناس . 
ذكر من قال ذلك : 
7619 - حدثني 
محمد بن سنان  قال : حدثنا 
أبو بكر الحنفي ،  عن 
عباد ،  عن 
الحسن  في قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر  " ، قال : قد كان ما تسمع من الخير في هذه الأمة  . 
7620 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد  عن 
قتادة  قال : كان 
الحسن  يقول : نحن آخرها وأكرمها على الله . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قال 
الحسن ،  وذلك أن : 
7621 - 
يعقوب بن إبراهيم  حدثني قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ،  عن 
بهز بن حكيم ،  عن أبيه ، عن جده قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810045ألا إنكم وفيتم سبعين أمة ، أنتم آخرها وأكرمها على الله  . 
7622 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
معمر ،  عن 
بهز بن حكيم ،  عن أبيه ، عن جده : أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810290يقول في قوله : " كنتم خير أمة أخرجت للناس  " ، قال : أنتم تتمون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله  " .  
[ ص: 105 ] 
7623 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812042ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة : "نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها  " . 
وأما قوله : " 
تأمرون بالمعروف  " ، فإنه يعني : تأمرون بالإيمان بالله ورسوله ، والعمل بشرائعه " 
وتنهون عن المنكر  " ، يعني : وتنهون عن الشرك بالله . وتكذيب رسوله ، وعن العمل بما نهى عنه ، كما : - 
7624 - حدثنا 
علي بن داود  قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية ،  عن 
علي ،  عن 
ابن عباس  قوله : " 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  " . يقول : تأمرونهم بالمعروف : أن يشهدوا أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما أنزل الله ، وتقاتلونهم عليه ، و "لا إله إلا الله " ، هو أعظم المعروف ، وتنهونهم عن المنكر ، والمنكر هو التكذيب ، وهو أنكر المنكر  . 
وأصل "المعروف  " كل ما كان معروفا فعله ، جميلا مستحسنا ، غير مستقبح في أهل الإيمان بالله ، وإنما سميت طاعة الله "معروفا " ، لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله . . 
وأصل "المنكر  " ، ما أنكره الله ، ورأوه قبيحا فعله ، ولذلك سميت معصية الله "منكرا " ، لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها ، ويستعظمون ركوبها . 
وقوله : " 
وتؤمنون بالله  " ، يعني : تصدقون بالله ، فتخلصون له التوحيد والعبادة .  
[ ص: 106 ] 
قال 
أبو جعفر   : فإن سأل سائل فقال : وكيف قيل : " 
كنتم خير أمة  " ، وقد زعمت أن تأويل الآية : أن هذه الأمة خير الأمم التي مضت ، وإنما يقال : " 
كنتم خير أمة  " ، لقوم كانوا خيارا فتغيروا عما كانوا عليه ؟ 
قيل : إن معنى ذلك بخلاف ما ذهبت إليه ، وإنما معناه : أنتم خير أمة ، كما قيل : ( 
واذكروا إذ أنتم قليل  ) [ الأنفال : 26 ] وقد قال في موضع آخر : ( 
واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم  ) [ الأعراف : 86 ] فإدخال "كان " في مثل هذا وإسقاطها بمعنى واحد ، لأن الكلام معروف معناه . ولو قال أيضا في ذلك قائل : "كنتم " ، بمعنى التمام ، كان تأويله : خلقتم خير أمة أو : وجدتم خير أمة ، كان معنى صحيحا . 
وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك : كنتم خير أمة عند الله في اللوح المحفوظ ، أخرجت للناس . 
والقولان الأولان اللذان قلنا ، أشبه بمعنى الخبر الذي رويناه قبل . 
وقال آخرون : معنى ذلك : كنتم خير أهل طريقة . وقال : "الأمة " : الطريقة .