صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 122 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : والله سميع عليم ، حين همت طائفتان منكم أن تفشلا .

والطائفتان اللتان همتا بالفشل ، ذكر لنا أنهم بنو سلمة وبنو حارثة . [ ص: 166 ]

ذكر من قال ذلك :

7720 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، قال : بنو حارثة ، كانوا نحو أحد ، وبنو سلمة نحو سلع ، وذلك يوم الخندق .

قال أبو جعفر : وقد دللنا على أن ذلك كان يوم أحد فيما مضى ، بما فيه الكفاية عن إعادته .

7721 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، الآية ، وذلك يوم أحد ، والطائفتان : بنو سلمة وبنو حارثة ، حيان من الأنصار ، هموا بأمر فعصمهم الله من ذلك . قال قتادة : وقد ذكر لنا أنه لما أنزلت هذه الآية قالوا : ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا به ، وقد أخبرنا الله أنه ولينا .

7722 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : " إذ همت طائفتان منكم الآية ، وذلك يوم أحد ، فالطائفتان بنو سلمة وبنو حارثة ، حيان من الأنصار . فذكر مثل قول قتادة .

7723 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل ، وقد وعدهم الفتح إن صبروا . فلما رجع عبد الله بن أبي ابن سلول في ثلاثمائة فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم ، فلما غلبوه وقالوا له : ما نعلم قتالا ولإن أطعتنا لترجعن معنا وقال [ الله عز وجل ] : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، وهم بنو سلمة وبنو حارثة هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبي ، فعصمهم [ ص: 167 ] الله ، وبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة .

7724 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال عكرمة : نزلت في بني سلمة من الخزرج ، وبني حارثة من الأوس ، ورأسهم عبد الله بن أبي ابن سلول .

7725 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، فهو بنو حارثة وبنو سلمة .

7726 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، والطائفتان : بنو سلمة من جشم بن الخزرج ، وبنو حارثة من النبيت من الأوس ، وهما الجناحان .

7727 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد ، عن الحسن في قوله : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " الآية ، قال : هما طائفتان من الأنصار هما أن يفشلا فعصمهم الله ، وهزم عدوهم .

7728 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : "إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، قال : هم بنو سلمة وبنو حارثة ، وما نحب أن لو لم نكن هممنا لقول الله عز وجل : "والله وليهما " . .

7729 - حدثني أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول ، فذكر نحوه . [ ص: 168 ]

7730 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " ، قال : هذا يوم أحد .

وأما قوله : "أن تفشلا " ، فإنه يعني : هما أن يضعفا ويجبنا عن لقاء عدوهما .

يقال منه : "فشل فلان عن لقاء عدوه ويفشل فشلا " ، كما : -

7731 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال ابن عباس : "الفشل " ، الجبن .

قال أبو جعفر : وكان همهما الذي هما به من الفشل ، الانصراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين حين انصرف عنهم عبد الله بن أبي ابن سلول بمن معه ، جبنا منهم ، من غير شك منهم في الإسلام ولا نفاق ، فعصمهم الله مما هموا به من ذلك ، ومضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجهه الذي مضى له ، وتركوا عبد الله بن أبي ابن سلول والمنافقين معه ، فأثنى الله عز وجل عليهما بثبوتهما على الحق ، وأخبر أنه وليهما وناصرهما على أعدائهما من الكفار ، كما :

7732 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : "والله وليهما " ، أي : المدافع عنهما ما همتا به من فشلهما . وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما ، من غير شك أصابهما في دينهما ، فتولى دفع ذلك عنهما برحمته وعائدته حتى سلمتا من وهنهما وضعفهما ، ولحقتا بنبيهما صلى الله عليه وسلم . يقول : " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " ، أي : من كان به ضعف من المؤمنين أو وهن ، [ ص: 169 ] فليتوكل علي ، وليستعن بي أعنه على أمره ، وأدفع عنه ، حتى أبلغ به وأقويه على نيته .

قال أبو جعفر : وذكر أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ : ( والله وليهم ) وإنما جاز أن يقرأ ذلك كذلك ، لأن "الطائفتين " وإن كانتا في لفظ اثنين ، فإنهما في معنى جماع ، بمنزلة "الخصمين " و "الحزبين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية