صفحة جزء
[ ص: 417 ] القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( أولئك هم الخاسرون ( 27 ) )

قال أبو جعفر : والخاسرون جمع خاسر ، والخاسرون : الناقصون أنفسهم حظوظها - بمعصيتهم الله - من رحمته ، كما يخسر الرجل في تجارته ، بأن يوضع من رأس ماله في بيعه . فكذلك الكافر والمنافق ، خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة ، أحوج ما كان إلى رحمته . يقال منه : خسر الرجل يخسر خسرا وخسرانا وخسارا ، كما قال جرير بن عطية :


إن سليطا في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنه

يعني بقوله : " في الخسار " أي فيما يوكسهم حظوظهم من الشرف والكرم . وقد قيل : إن معنى " أولئك هم الخاسرون " : أولئك هم الهالكون . وقد يجوز أن يكون قائل ذلك أراد ما قلنا من هلاك الذي وصف الله صفته بالصفة التي وصفه بها في هذه الآية ، بحرمان الله إياه ما حرمه من رحمته ، بمعصيته إياه وكفره به . فحمل تأويل الكلام على معناه ، دون البيان عن تأويل عين الكلمة بعينها ، فإن أهل التأويل ربما فعلوا ذلك لعلل كثيرة تدعوهم إليه .

وقال بعضهم في ذلك بما :

575 - حدثت به عن المنجاب ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل " خاسر " فإنما يعني به الكفر ، وما نسبه إلى أهل الإسلام ، فإنما يعني به الذنب .

التالي السابق


الخدمات العلمية