1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة آل عمران
  4. القول في تأويل قوله تعالى "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ( 133 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وسارعوا " ، وبادروا وسابقوا "إلى مغفرة من ربكم " ، يعني : إلى ما يستر عليكم ذنوبكم من رحمته ، وما يغطيها عليكم من عفوه عن عقوبتكم عليها "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، يعني : وسارعوا أيضا إلى جنة عرضها السماوات والأرض .

ذكر أن معنى ذلك : وجنة عرضها كعرض السماوات السبع والأرضين السبع ، إذا ضم بعضها إلى بعض .

ذكر من قال ذلك :

7830 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، قال : قال ابن عباس : تقرن السماوات السبع والأرضون السبع ، كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض ، فذاك عرض الجنة .

وإنما قيل : "وجنة عرضها السماوات والأرض " ، فوصف عرضها بالسماوات والأرضين ، والمعنى ما وصفنا : من وصف عرضها بعرض السماوات والأرض ، [ ص: 208 ] تشبيها به في السعة والعظم ، كما قيل : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ سورة لقمان : 28 ] ، يعني : إلا كبعث نفس واحدة ، وكما قال الشاعر :


كأن عذيرهم بجنوب سلى نعام قاق في بلد قفار



أي : عذير نعام ، وكما قال الآخر :


حسبت بغام راحلتي عناقا!     وما هي ، ويب غيرك بالعناق



يريد صوت عناق .

قال أبو جعفر : وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له : [ ص: 209 ] هذه الجنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال : هذا النهار إذا جاء ، أين الليل .

ذكر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره .

7831 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني مسلم بن خالد ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى بن مرة قال : لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص ، شيخا كبيرا قد فند . قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل ، فناول الصحيفة رجلا عن يساره . قال : قلت : من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا : معاوية . فإذا كتاب صاحبي : "إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار ؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ [ ص: 210 ]

7832 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : [ ص: 211 ] حدثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب : أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن "جنة عرضها السماوات والأرض " ، أين النار ؟ قال : أرأيتم إذا جاء الليل ، أين يكون النهار ؟ "فقالوا : اللهم نزعت بمثله من التوراة ! .

7833 - حدثني محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب : أن عمر أتاه ثلاثة نفر من أهل نجران ، فسألوه وعنده أصحابه فقالوا : أرأيت قوله : " وجنة عرضها السماوات والأرض " ، فأين النار ؟ فأحجم الناس ، فقال عمر : "أرأيتم إذا جاء الليل ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون الليل ؟ " فقالوا : نزعت مثلها من التوراة .

7834 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : أخبرنا شعبة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بنحوه ، في الثلاثة الرهط الذين أتوا عمر فسألوه : عن جنة عرضها كعرض السماوات والأرض ، بمثل حديث قيس بن مسلم . [ ص: 212 ]

7835 - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا جعفر بن عون قال : أخبرنا الأعمش ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : جاء رجل من اليهود إلى عمر فقال : تقولون : "جنة عرضها السماوات والأرض " ، أين تكون النار ؟ فقال له عمر : أرأيت النهار إذا جاء أين يكون الليل ؟ أرأيت الليل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ فقال : إنه لمثلها في التوراة ، فقال له صاحبه : لم أخبرته ؟ فقال له صاحبه : دعه ، إنه بكل موقن .

7836 - حدثني أحمد بن حازم قال : أخبرنا أبو نعيم قال : حدثنا جعفر بن برقان قال : حدثنا يزيد بن الأصم : أن رجلا من أهل الكتاب أتى ابن عباس فقال : تقولون "جنة عرضها السماوات والأرض " ، فأين النار ؟ فقال ابن عباس : أرأيت الليل إذا جاء ، أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار ، أين يكون الليل ؟ [ ص: 213 ]

قال أبو جعفر : وأما قوله : "أعدت للمتقين " فإنه يعني : إن الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرضين السبع ، أعدها الله للمتقين ، الذين اتقوا الله فأطاعوه فيما أمرهم ونهاهم ، فلم يتعدوا حدوده ، ولم يقصروا في واجب حقه عليهم فيضيعوه . كما : -

7837 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " ، أي : دارا لمن أطاعني وأطاع رسولي .

التالي السابق


الخدمات العلمية