القول في تأويل قوله ( 
قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور  ( 154 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : قل ، يا 
محمد ،  للذين وصفت لك صفتهم من المنافقين : لو كنتم في بيوتكم لم تشهدوا مع المؤمنين مشهدهم ، ولم تحضروا معهم حرب أعدائهم من المشركين ، فيظهر للمؤمنين ما كنتم تخفونه من نفاقكم ، وتكتمونه من شككم في دينكم" 
لبرز الذين كتب عليهم القتل  " ، يقول : لظهر للموضع الذي كتب عليه مصرعه فيه ، من قد كتب عليه القتل منهم ، ولخرج من بيته إليه حتى يصرع في الموضع الذي كتب عليه أن يصرع فيه . . 
وأما قوله : " 
وليبتلي الله ما في صدوركم  " ، فإنه يعني به : وليبتلي الله ما في صدوركم ، أيها المنافقون ، كنتم تبرزون من بيوتكم إلى مضاجعكم .  
[ ص: 325 ] 
ويعني بقوله : " 
وليبتلي الله ما في صدوركم  " ، وليختبر الله الذي في صدوركم من الشك ، فيميزكم بما يظهره للمؤمنين من نفاقكم من المؤمنين . 
وقد دللنا فيما مضى على أن معاني نظائر قوله : " ليبتلي الله " و"وليعلم الله" وما أشبه ذلك ، وإن كان في ظاهر الكلام مضافا إلى الله الوصف به ، فمراد به أولياؤه وأهل طاعته وأن معنى ذلك : وليختبر أولياء الله ، وأهل طاعته الذي في صدوركم من الشك والمرض ، فيعرفوكم ، [ فيميزوكم ] من أهل الإخلاص واليقين" 
وليمحص ما في قلوبكم  " ، يقول وليتبينوا ما في قلوبكم من الاعتقاد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين من العداوة أو الولاية . 
" 
والله عليم بذات الصدور  " ، يقول : والله ذو علم بالذي في صدور خلقه من خير وشر ، وإيمان وكفر ، لا يخفى عليه شيء من أمورهم ، سرائرها علانيتها ، وهو لجميع ذلك حافظ ، حتى يجازي جميعهم جزاءهم على قدر استحقاقهم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك كان 
ابن إسحاق  يقول : 
8096 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  قال : ذكر الله تلاومهم - يعني : تلاوم المنافقين - وحسرتهم على ما أصابهم ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم قل : " 
لو كنتم في بيوتكم  " ، لم تحضروا هذا الموضع الذي أظهر الله جل ثناؤه فيه منكم ما أظهر من سرائركم ، لأخرج الذي كتب عليهم القتل إلى موطن غيره يصرعون فيه ، حتى يبتلي به ما في صدوركم" 
وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور  " ، أي لا يخفى عليه ما في صدورهم ،  
[ ص: 326 ] مما استخفوا به منكم  . 
8097 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
إسحاق  قال : حدثنا 
الحارث بن مسلم ،  عن بحر 
السقاء ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد ،  عن 
الحسن  قال : سئل عن قوله : " 
قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم  " ، قال : كتب الله على المؤمنين أن يقاتلوا في سبيله ، وليس كل من يقاتل يقتل ، ولكن يقتل من كتب الله عليه القتل  .