[ ص: 384 ] القول في 
تأويل قوله جل ثناؤه ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله  ( 169 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره : "ولا تحسبن" ، ولا تظنن . كما : - 
8204 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق   : " ولا تحسبن" ، ولا تظنن . 
وقوله : "الذين قتلوا في سبيل الله" ، يعني : 
الذين قتلوا بأحد  من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  " أمواتا" ، يقول : ولا تحسبنهم ، يا 
محمد ،  أمواتا ، لا يحسون شيئا ، ولا يلتذون ولا يتنعمون ، فإنهم أحياء عندي ، متنعمون في رزقي ، فرحون مسرورون بما آتيتهم من كرامتي وفضلي ، وحبوتهم به من جزيل ثوابي وعطائي ، كما : - 
8205 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
محمد بن إسحاق  وحدثني  
[ ص: 385 ]  nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : حدثنا 
إسماعيل بن عياش ،  عن 
ابن إسحاق  عن 
إسماعيل بن أمية ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير المكي ،  عن 
ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810328لما أصيب إخوانكم بأحد ،  جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش . فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا! لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب! فقال الله عز وجل : أنا أبلغهم عنكم . فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات  .  
[ ص: 386 ] 
8206 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
جرير بن عبد الحميد  وحدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة  قالا جميعا : حدثنا 
محمد بن إسحاق ،  عن 
الأعمش ،  عن 
أبي الضحى ،  عن 
مسروق بن الأجدع  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501776سألنا  nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  عن هذه الآيات : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله  " الآية ، قال : أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا : إنه لما أصيب إخوانكم بأحد ،  جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فيطلع الله إليهم اطلاعة فيقول : يا عبادي ، ما تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون : ربنا ، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! ثلاث مرات - ثم يطلع فيقول : يا عبادي ، ما تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون : ربنا ، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! إلا أنا نختار أن ترد أرواحنا في أجسادنا ، ثم تردنا إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل فيك مرة أخرى"  . . 
8207 - حدثنا 
الحسن بن يحيى المقدسي  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير  قال : حدثنا 
شعبة ،  عن 
الأعمش ،  عن 
أبي الضحى ،  عن 
مسروق  قال : سألنا  
[ ص: 387 ] عبد الله  عن هذه الآية ثم ذكر نحوه وزاد فيه : إني قد قضيت أن لا ترجعوا . . 
8208 - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى  قال : حدثنا 
ابن أبي عدي ،  عن 
شعبة ،  عن 
سليمان ،  عن 
عبد الله بن مرة ،  عن 
مسروق  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501777سألنا عبد الله  عن أرواح الشهداء ، ولولا عبد الله  ما أخبرنا به أحد! قال : أرواح الشهداء عند الله في أجواف طير خضر في قناديل تحت العرش ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم ترجع إلى قناديلها ، فيطلع إليها ربها ، فيقول : ماذا تريدون؟ فيقولون : نريد أن نرجع إلى الدنيا فنقتل مرة أخرى  . 
8209 - حدثنا 
أبو كريب  قال : حدثنا 
عبد الرحيم بن سليمان   nindex.php?page=showalam&ids=16513وعبدة بن سليمان ،  عن 
محمد بن إسحاق ،  عن 
الحارث بن فضيل ،  عن 
محمود بن لبيد ،  عن  
[ ص: 388 ] ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810077الشهداء على بارق على نهر بباب الجنة في قبة خضراء وقال عبدة : "في روضة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا" . 
8210 - حدثنا 
أبو كريب ،  وأنبأنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ،  عن 
محمد بن إسحاق  قال : حدثني 
الحارث بن فضيل ،  عن 
محمود بن لبيد ،  عن 
ابن عباس ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله إلا أنه قال : في قبة خضراء وقال : يخرج عليهم فيها . 
8211 - حدثنا 
ابن وكيع ،  وأنبأنا ابن إدريس ، عن 
محمد بن إسحاق  قال : حدثني 
الحارث بن فضيل ،  عن 
محمود بن لبيد ،  عن 
ابن عباس ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . 
8212 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة  قال : قال 
محمد بن إسحاق ،  وحدثني 
الحارث بن الفضيل الأنصاري ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد الأنصاري ،  عن 
ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810329الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا  . 
8213 - حدثني يونس قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : حدثني أيضا يعني 
إسماعيل بن عياش  عن 
ابن إسحاق ،  عن 
الحارث بن الفضيل ،  عن 
محمود بن لبيد ،  عن 
ابن عباس ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . 
8214 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة  قال : قال 
محمد بن إسحاق ،  وحدثني بعض أصحابي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله  يقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812056ألا أبشرك يا جابر؟   [ ص: 389 ] قال قلت : بلى ، يا رسول الله! قال : إن أباك حيث أصيب بأحد ،  أحياه الله ثم قال له : ما تحب يا عبد الله بن عمرو  أن أفعل بك؟ قال : يا رب ، أحب أن تردني إلى الدنيا ، فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى" .  . 
8215 - حدثنا 
بشر  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا ليتنا نعلم ما فعل  
[ ص: 390 ] إخواننا الذين قتلوا يوم 
أحد   ! فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك القرآن : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  " كنا نحدث أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض تأكل من ثمار الجنة ، وأن مساكنهم السدرة .  . 
8216 - حدثت عن 
عمار ،  وأنبأنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع  بنحوه إلا أنه قال : تعارف في طير خضر وبيض وزاد فيه أيضا : وذكر لنا عن بعضهم في قوله : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء  " ، قال : هم قتلى 
بدر  وأحد   . 
8217 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
محمد بن قيس بن مخرمة  قال : قالوا : يا رب ، ألا رسول لنا يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنا بما أعطيتنا؟ فقال الله تبارك وتعالى : أنا رسولكم ، فأمر 
جبريل  عليه السلام أن يأتي بهذه الآية : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله  " ، الآيتين . 
8218 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
الثوري ،  عن 
الأعمش ،  عن 
عبد الله بن مرة ،  عن 
مسروق  قال : سألنا 
عبد الله  عن هذه الآيات : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  " ، قال : أرواح الشهداء عند الله كطير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح في الجنة حيث شاءت . قال : فاطلع إليهم ربك اطلاعة فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : ربنا ، ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا! ثم اطلع عليهم الثالثة فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : تعيد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى! فسكت عنهم  .  
[ ص: 391 ] 
8219 - حدثنا 
الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق  قال : أخبرنا 
ابن عيينة ،  عن 
عطاء بن السائب ،  عن 
أبي عبيدة ،  عن 
عبد الله   : أنهم قالوا في الثالثة حين قال لهم : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا : تقرئ نبينا عنا السلام ، وتخبره أن قد رضينا ورضي عنا . 
8220 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  قال : قال الله تبارك وتعالى لنبيه 
محمد  صلى الله عليه وسلم ، يرغب المؤمنين في ثواب الجنة ويهون عليهم القتل : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  " ، أي : قد أحييتهم ، فهم عندي يرزقون في روح الجنة وفضلها ، مسرورين بما آتاهم الله من ثوابه على جهادهم عنه  .  
[ ص: 392 ] 
8221 - حدثت عن 
الحسين  قال : سمعت 
أبا معاذ  قال : حدثنا 
عبيد بن سليمان  قال : سمعت 
الضحاك  قال : كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يوما كيوم 
بدر ،  يبلون فيه خيرا ، يرزقون فيه الشهادة ، ويرزقون فيه الجنة والحياة في الرزق ، فلقوا المشركين يوم 
أحد ،  فاتخذ الله منهم شهداء ، وهم الذين ذكرهم الله فقال : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا  " الآية  . 
8222 - حدثنا 
محمد بن الحسين  قال : حدثنا 
أحمد بن المفضل  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  قال : ذكر الشهداء فقال : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم  " إلى قوله : " 
ولا هم يحزنون  " ، زعم أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، في قناديل من ذهب معلقة بالعرش ، فهي ترعى بكرة وعشية في الجنة ، تبيت في القناديل ، فإذا سرحن نادى مناد : ماذا تريدون؟ ماذا تشتهون؟ فيقولون : ربنا ، نحن فيما اشتهت أنفسنا! فيسألهم ربهم أيضا : ماذا تشتهون؟ وماذا تريدون؟ فيقولون : نحن فيما اشتهت أنفسنا! فيسألون الثالثة ، فيقولون ما قالوا : ولكنا نحب أن ترد أرواحنا في أجسادنا! لما يرون من فضل الثواب  . 
8223 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
عباد  قال : حدثنا 
إبراهيم بن معمر ،  عن 
الحسن  قال : ما زال ابن آدم يتحمد حتى صار حيا ما يموت . ثم تلا هذه الآية : "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" . 
8224 - حدثنا 
محمد بن مرزوق  قال : حدثنا 
عمر بن يونس ،  عن 
عكرمة  قال :  
[ ص: 393 ] حدثنا 
إسحاق بن أبي طلحة  قال : 
حدثني أنس بن مالك  في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة ،  قال : لا أدري أربعين أو سبعين . قال : وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري ،  فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتوا غارا مشرفا على الماء قعدوا فيه ، ثم قال بعضهم لبعض : أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء؟ فقال - أراه أبو ملحان الأنصاري   - : أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرج حتى أتى حيا منهم ، فاحتبى أمام البيوت ثم قال : يا أهل بئر معونة ،  إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم ، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فآمنوا بالله ورسوله . فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح ، فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر ، فقال : الله أكبر ، فزت ورب الكعبة! فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه ، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل  قال : قال إسحاق   : حدثني أنس بن مالك   : إن الله تعالى أنزل فيهم قرآنا ، رفع بعدما قرأناه زمانا . وأنزل الله : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  )  . .  
[ ص: 394 ] 
8225 - حدثنا 
يحيى بن أبي طالب  قال : أخبرنا 
يزيد  قال : أخبرنا 
جويبر ،   [ ص: 395 ] عن 
الضحاك  قال : لما أصيب الذين أصيبوا يوم 
أحد  من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوا ربهم ، فأكرمهم ، فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيب ، قالوا : يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا! فقال الله تبارك وتعالى : أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم . فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم : " 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  " إلى قوله : "ولا هم يحزنون" . فهذا النبأ الذي بلغ الله رسوله والمؤمنين ما قال الشهداء  . 
وفي نصب قوله : "فرحين" وجهان . 
أحدهما : أن يكون منصوبا على الخروج من قوله : "عند ربهم" . والآخر من قوله : "يرزقون" . ولو كان رفعا بالرد على قوله : "بل أحياء فرحون" ، كان جائزا .