القول في تأويل قوله ( 
وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء  ) 
قال 
أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . 
فقال بعضهم بما : - 
8274 - حدثنا به 
محمد بن الحسين  قال : حدثنا 
أحمد بن المفضل  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : " 
وما كان الله ليطلعكم على الغيب  " ، 
وما كان الله ليطلع محمدا  على الغيب ، ولكن الله اجتباه فجعله رسولا . 
وقال آخرون بما : - 
8275 - حدثنا به 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق   : " 
وما كان الله ليطلعكم على الغيب  " ، أي : فيما يريد أن يبتليكم به ، لتحذروا ما يدخل  
[ ص: 427 ] عليكم فيه"ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء" ، يعلمه  . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى الأقوال في ذلك بتأويله : وما كان الله ليطلعكم على ضمائر قلوب عباده ، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق والكافر ، ولكنه يميز بينهم بالمحن والابتلاء كما ميز بينهم بالبأساء يوم 
أحد  وجهاد عدوه ، وما أشبه ذلك من صنوف المحن ، حتى تعرفوا مؤمنهم وكافرهم ومنافقهم . غير أنه تعالى ذكره يجتبي من رسله من يشاء فيصطفيه ، فيطلعه على بعض ما في ضمائر بعضهم ، بوحيه ذلك إليه ورسالته ، كما : - 
8276 - حدثنا 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  في قوله : " 
ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء  " ، قال : يخلصهم لنفسه  . 
وإنما قلنا هذا التأويل أولى بتأويل الآية ، لأن ابتداءها خبر من الله تعالى ذكره أنه غير تارك عباده - يعني بغير محن - حتى يفرق بالابتلاء بين مؤمنهم وكافرهم وأهل نفاقهم . ثم عقب ذلك بقوله : " 
وما كان الله ليطلعكم على الغيب  " ، فكان فيما افتتح به من صفة إظهار الله نفاق المنافق وكفر الكافر ، دلالة واضحة على أن الذي ولي ذلك هو الخبر عن أنه لم يكن ليطلعهم على ما يخفى عنهم من باطن سرائرهم ، إلا بالذي ذكر أنه مميز به نعتهم إلا من استثناه من رسله الذي خصه بعلمه .