صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار ( 198 ) )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " لكن الذين اتقوا ربهم " ، لكن الذين اتقوا الله بطاعته واتباع مرضاته ، في العمل بما أمرهم به ، واجتناب ما نهاهم عنه"لهم جنات" يعني : بساتين ، "تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها" ، يقول : باقين فيها أبدا . " نزلا من عند الله " ، يعني : إنزالا من الله إياهم فيها ، أنزلوها .

ونصب"نزلا" على التفسير من قوله : " لهم جنات تجري من تحتها الأنهار " ، [ ص: 495 ] كما يقال : "لك عند الله جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا" ، وكما يقال : "هو لك صدقة" : و"هو لك هبة" .

وقوله : " من عند الله " يعني : من قبل الله ، ومن كرامة الله إياهم ، وعطاياه لهم .

وقوله : " وما عند الله خير للأبرار " ، يقول : وما عند الله من الحياة والكرامة ، وحسن المآب" ، " خير للأبرار " ، مما يتقلب فيه الذين كفروا ، فإن الذي يتقلبون فيه زائل فان ، وهو قليل من المتاع خسيس ، وما عند الله من كرامته للأبرار - وهم أهل طاعته باق ، غير فان ولا زائل .

8373 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : " وما عند الله خير للأبرار " ، قال : لمن يطيع الله .

8374 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن الأسود ، عن عبد الله قال : ما من نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها . ثم قرأ عبد الله : " وما عند الله خير للأبرار " ، وقرأ هذه الآية : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم ) . [ سورة آل عمران : 178 ] [ ص: 496 ]

8375 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن فرج بن مؤمل ، عن لقمان ، عن أبي الدرداء أنه كان يقول : ما من مؤمن إلا والموت خير له ، وما من كافر إلا والموت خير له ، ومن لم يصدقني فإن الله يقول : " وما عند الله خير للأبرار " ، ويقول : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية