صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في" السفهاء" الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم .

فقال بعضهم : هم النساء والصبيان .

ذكر من قال ذلك :

8523 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال [ ص: 561 ] حدثنا إسرائيل ، عن عبد الكريم ، عن سعيد بن جبير قال : اليتامى والنساء .

8524 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : لا تعطوا الصغار والنساء .

8525 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن يونس ، عن الحسن قال : المرأة والصبي .

8526 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن شريك ، عن أبي حمزة ، عن الحسن قال : النساء والصغار ، والنساء أسفه السفهاء .

8527 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : "السفهاء" ابنك السفيه ، وامرأتك السفيهة . وقد ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اتقوا الله في الضعيفين ، اليتيم والمرأة " .

8528 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا حميد ، عن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن السدي قال : يرده إلى عبد الله قال : النساء والصبيان .

8529 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، أما"السفهاء" ، فالولد والمرأة .

8530 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، يعني بذلك ولد الرجل وامرأته ، وهي أسفه السفهاء .

8531 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : "السفهاء" الولد ، [ ص: 562 ] والنساء أسفه السفهاء ، فيكونوا عليكم أربابا .

8532 - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك ، قال : أولادكم ونساؤكم .

8533 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا أبي ، عن سلمة ، عن الضحاك قال : النساء والصبيان .

8534 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : النساء والولدان .

8535 - حدثنا أحمد قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا ابن أبي غنية ، عن الحكم : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : النساء والولدان .

8536 - حدثنا بشر بن معاذ : قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، أمر الله بهذا المال أن يخزن فتحسن خزانته ، ولا يملكه المرأة السفيهة والغلام السفيه .

8537 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل ، عن أبي مالك قال : النساء والصبيان .

8538 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : امرأتك [ ص: 563 ] وبنيك وقال : "السفهاء" ، الولدان ، والنساء أسفه السفهاء .

وقال آخرون : بل"السفهاء" ، الصبيان خاصة .

ذكر من قال ذلك :

8539 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : هم اليتامى .

8540 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثني أبي ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد قال : "السفهاء" ، اليتامى .

8541 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، يقول : لا تنحلوا الصغار .

وقال آخرون : بل عنى بذلك : السفهاء من ولد الرجل .

ذكر من قال ذلك :

8542 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده ، الذي هو قوامك بعد الله تعالى .

8543 - حدثنا محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، يقول : لا تسلط السفيه من ولدك فكان ابن عباس يقول : نزل ذلك في السفهاء ، وليس اليتامى من ذلك في شيء . [ ص: 564 ]

8544 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري أنه قال : ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ، ورجل أعطى ماله سفيها وقد قال الله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، ورجل كان له على رجل دين فلم يشهد عليه .

8545 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " الآية ، قال : لا تعط السفيه من ولدك رأسا ولا حائطا ، ولا شيئا هو لك قيما من مالك .

وقال آخرون : بل"السفهاء" في هذا الموضع ، النساء خاصة دون غيره .

ذكر من قال ذلك :

8546 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته ، فوضعته في غير الحق ، فقال الله تبارك وتعالى : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " .

8547 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حميد ، عن مجاهد : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : النساء .

8548 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثنا سفيان ، عن الثوري ، عن حميد ، عن قيس ، عن مجاهد في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : هن النساء . [ ص: 565 ]

8549 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، قال : نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم ، وهن سفهاء من كن أزواجا أو أمهات أو بنات .

8550 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

8551 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا هشام ، عن الحسن قال : المرأة .

8552 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك قال : النساء من أسفه السفهاء .

8553 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي عوانة ، عن عاصم ، عن مورق قال : مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارة وهيئة ، فقال لها ابن عمر : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " .

وقال أبو جعفر : والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا ، أن الله جل ثناؤه عم بقوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، فلم يخصص سفيها دون سفيه . فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله ، صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى .

و"السفيه" الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله ، هو المستحق الحجر بتضييعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك .

وإنما قلنا ما قلنا ، من أن المعني بقوله : " ولا تؤتوا السفهاء " هو من وصفنا دون غيره ، لأن الله جل ثناؤه قال في الآية التي تتلوها : " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم " ، فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا [ ص: 566 ] بلغوا النكاح وأونس منهم الرشد ، وقد يدخل في"اليتامى" الذكور والإناث ، فلم يخصص بالأمر بدفع ما لهم من الأموال ، الذكور دون الإناث ، ولا الإناث دون الذكور .

وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم ، إليهم ، وأجيز للمسلمين مبايعتهم ومعاملتهم ، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم ، وحظر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم .

فإذ كان ذلك كذلك ، فبين أن"السفهاء" الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم ، هم المستحقون الحجر والمستوجبون أن يولى عليهم أموالهم ، وهم من وصفنا صفتهم قبل ، وأن من عدا ذلك فغير سفيه ، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ وأونس رشده .

وأما قول من قال : "عنى بالسفهاء النساء خاصة" ، فإنه جعل اللغة على غير وجهها . وذلك أن العرب لا تكاد تجمع"فعيلا" على"فعلاء" إلا في جمع الذكور ، أو الذكور والإناث . وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم ، جمعوه على : "فعائل" و"فعيلات" ، مثل : "غريبة" ، تجمع"غرائب" و"غريبات" ، فأما"الغرباء" ، فجمع"غريب" .

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم " ،

فقال بعضهم : عنى بذلك : لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبيان على [ ص: 567 ] ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل أيها الرشداء ، أموالكم التي تملكونها ، فتسلطوهم عليها فيفسدوها ويضيعوها ، ولكن ارزقوهم أنتم منها إن كانوا ممن تلزمكم نفقته ، واكسوهم ، وقولوا لهم قولا معروفا .

وقد ذكرنا الرواية عن جماعة ممن قال ذلك ، منهم : أبو موسى الأشعري ، وابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وحضرمي ، وسنذكر قول الآخرين الذين لم يذكر قولهم فيما مضى قبل .

8554 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها " ، يقول : لا تعط امرأتك وولدك مالك ، فيكونوا هم الذين يقومون عليك ، وأطعمهم من مالك واكسهم .

8555 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا " ، يقول : لا تسلط السفيه من ولدك على مالك ، وأمره أن يرزقه منه ويكسوه .

8556 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، قال : لا تعط السفيه من مالك شيئا هو لك .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : "ولا تؤتوا السفهاء أموالهم" ، ولكنه أضيف إلى الولاة ، لأنهم قوامها ومدبروها .

ذكر من قال ذلك :

8557 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : حدثنا ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير في قوله : "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، [ ص: 568 ]

[ هو مال اليتيم يكون عندك ، يقول : لا تؤته إياه ، وأنفقه عليه حتى يبلغ . وإنما أضاف إلى الأولياء فقال : "أموالكم" ، لأنهم قوامها ومدبروها ] .

قال أبو جعفر : وقد يدخل في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، أموال المنهيين عن أن يؤتوهم ذلك ، وأموال"السفهاء" . لأن قوله : "أموالكم" غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض . ولا تمنع العرب أن تخاطب قوما خطابا ، فيخرج الكلام بعضه خبر عنهم ، وبعضه عن غيب ، وذلك نحو أن يقولوا : "أكلتم يا فلان أموالكم بالباطل" ، فيخاطب الواحد خطاب الجمع ، بمعنى : أنك وأصحابك أو وقومك أكلتم أموالكم . فكذلك قوله : " ولا تؤتوا السفهاء " ، معناه : لا تؤتوا أيها الناس ، سفهاءكم أموالكم التي بعضها لكم وبعضها لهم ، فيضيعوها .

وإذ كان ذلك كذلك ، وكان الله تعالى ذكره قد عم بالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلها ، ولم يخصص منها شيئا دون شيء ، كان بينا بذلك أن معنى قوله : " التي جعل الله لكم قياما " ، إنما هو التي جعل الله لكم ولهم قياما ، ولكن السفهاء دخل ذكرهم في ذكر المخاطبين بقوله : "لكم" .

وأما قوله : " التي جعل الله لكم قياما " ، فإن"قياما" و"قيما" و"قواما" في [ ص: 569 ] معنى واحد . وإنما"القيام" أصله"القوام" ، غير أن"القاف" التي قبل"الواو" لما كانت مكسورة ، جعلت"الواو""ياء" لكسرة ما قبلها ، كما يقال : "صمت صياما" ، "وصلت صيالا" ، ويقال منه : "فلان قوام أهل بيته" و"قيام أهل بيته" .

واختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأ بعضهم : " التي جعل الله لكم قيما" بكسر"القاف" وفتح"الياء" بغير"ألف" .

وقرأه آخرون : "قياما" بألف .

قال محمد : والقراءة التي نختارها : "قياما" بالألف ، لأنها القراءة المعروفة في قراءة أمصار الإسلام ، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فاسد . وإنما اخترنا ما اخترنا من ذلك ، لأن القراءات إذا اختلفت في الألفاظ واتفقت في المعاني ، فأعجبها إلينا ما كان أظهر وأشهر في قرأة أمصار الإسلام .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : "قياما" قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

8558 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال : حدثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك : " أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، التي هي قوامك بعد الله .

8559 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، فإن المال هو [ ص: 570 ] قيام الناس ، قوام معايشهم . يقول : كن أنت قيم أهلك ، فلا تعط امرأتك [ وولدك ] مالك ، فيكونوا هم الذين يقومون عليك .

8560 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما " يقول الله سبحانه : لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة ، فتعطيه امرأتك أو بنيك ، ثم تنظر إلى ما في أيديهم . ولكن أمسك مالك وأصلحه ، وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم ومؤونتهم . قال : وقوله : " قياما" ، بمعنى : قوامكم في معايشكم .

8561 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن قوله : " قياما" قال : قيام عيشك .

8562 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا بكر بن شرود ، عن مجاهد أنه قرأ : " التي جعل الله لكم قياما " ، بالألف ، يقول : قيام عيشك .

8563 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : [ ص: 571 ] " أموالكم التي جعل الله لكم قياما " ، قال : لا تعط السفيه من ولدك شيئا ، هو لك قيم من مالك .

وأما قوله : " وارزقوهم فيها واكسوهم " ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله .

فأما الذين قالوا : إنما عنى الله جل ثناؤه بقوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، [ أموال ] أولياء السفهاء ، لا أموال السفهاء ، فإنهم قالوا : "معنى ذلك : وارزقوا ، أيها الناس ، سفهاءكم من نسائكم وأولادكم ، من أموالكم طعامهم ، وما لا بد لهم منه من مؤنهم وكسوتهم" .

وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى ، وسنذكر من لم يذكر من قائليه .

8564 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : أمروا أن يرزقوا سفهاءهم - من أزواجهم وأمهاتهم وبناتهم - من أموالهم .

8565 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

8566 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج قال : قال ابن عباس قوله : " وارزقوهم" ، قال : يقول : أنفقوا عليهم .

8567 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وارزقوهم فيها واكسوهم " ، يقول : أطعمهم من مالك واكسهم .

وأما الذين قالوا : "إنما عنى بقوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ، أموال السفهاء أن لا يؤتيهموها أولياؤهم" ، فإنهم قالوا : "معنى قوله : [ ص: 572 ] " وارزقوهم فيها واكسوهم " ، وارزقوا ، أيها الولاة ولاة أموال السفهاء ، سفهاءكم من أموالهم ، طعامهم وما لا بد لهم من مؤنهم وكسوتهم . وقد مضى ذكر ذلك .

قال أبو جعفر : وأما الذي نراه صوابا في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " من التأويل ، فقد ذكرناه ، ودللنا على صحة ما قلنا في ذلك بما أغنى عن إعادته .

فتأويل قوله : " وارزقوهم فيها واكسوهم " ، على التأويل الذي قلنا في قوله : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " وأنفقوا على سفهائكم من أولادكم ونسائكم الذين تجب عليكم نفقتهم من طعامهم وكسوتهم في أموالكم ، ولا تسلطوهم على أموالكم فيهلكوها وعلى سفهائكم منهم ، ممن لا تجب عليكم نفقته ، ومن غيرهم الذين تلون أنتم أمورهم ، من أموالهم فيما لا بد لهم من مؤنهم في طعامهم وشرابهم وكسوتهم . لأن ذلك هو الواجب من الحكم في قول جميع الحجة ، لا خلاف بينهم في ذلك ، مع دلالة ظاهر التنزيل على ما قلنا في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية