1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النساء
  4. القول في تأويل قوله تعالى " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما "
صفحة جزء
[ ص: 233 ] القول في تأويل قوله ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ( 31 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى " الكبائر " التي وعد الله - جل ثناؤه - عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم .

فقال بعضهم : الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ، هي ما تقدم الله إلى عباده بالنهي عنه من أول " سورة النساء " إلى رأس الثلاثين منها .

ذكر من قال ذلك :

9168 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : الكبائر ، من أول " سورة النساء " إلى ثلاثين منها .

9169 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله بمثله .

9170 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود مثله .

9171 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم قال : حدثني علقمة ، عن عبد الله قال : الكبائر ، من أول " سورة النساء " [ ص: 234 ] إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه .

9172 - حدثنا الرفاعي قال : حدثنا أبو معاوية وأبو خالد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : الكبائر ، من أول " سورة النساء " إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه .

9173 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : سئل عبد الله عن الكبائر ، قال : ما بين فاتحة " سورة النساء " إلى رأس الثلاثين .

9174 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن حماد عن إبراهيم ، عن ابن مسعود قال : الكبائر ما بين فاتحة " سورة النساء " إلى ثلاثين آية منها : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه .

9175 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله أنه قال : الكبائر من أول " سورة النساء " إلى الثلاثين منها : " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " .

9176 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن إبراهيم قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة " سورة النساء " إلى هذا الموضع : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه .

9177 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن ابن مسعود قال : الكبائر من أول " سورة النساء " إلى ثلاثين آية منها . ثم تلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما .

9178 - حدثني المثنى قال : حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا مسعر ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش قال : قال عبد الله : الكبائر ما بين أول " سورة النساء " إلى رأس الثلاثين .

[ ص: 235 ] وقال آخرون : " الكبائر سبع " .

ذكر من قال ذلك :

9179 - حدثني تميم بن المنتصر قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة ، عن أبيه قال : إني لفي هذا المسجد ، مسجد الكوفة ، وعلي يخطب الناس على المنبر ، فقال : " يا أيها الناس ، إن الكبائر سبع " فأصاخ الناس ، فأعادها ثلاث مرات ثم قال : ألا تسألوني عنها ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، ما هي ؟ قال : " الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والفرار يوم الزحف ، والتعرب بعد الهجرة " . فقلت لأبي : يا أبه ، ما التعرب بعد الهجرة ؟ كيف لحق هاهنا ؟ فقال : يا بني ، وما أعظم من أن يهاجر الرجل ، حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد ، خلع ذلك من عنقه ، فرجع أعرابيا كما كان ! !

9180 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد بن عمير قال : الكبائر سبع ، ليس منهن [ ص: 236 ] كبيرة إلا وفيها آية من كتاب الله : الإشراك بالله منهن : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ) [ سورة الحج : 31 ] و ( الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ) [ سورة النساء : 10 ] ، و ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) [ سورة البقرة : 275 ] ، و ( الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ) [ سورة النور : 23 ] ، والفرار من الزحف : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ) [ سورة الأنفال : 15 ] ، والتعرب بعد الهجرة : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ) [ سورة محمد : 25 ] ، وقتل النفس .

9181 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد بن عمير الليثي قال : الكبائر سبع : الإشراك بالله : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) ، وقتل النفس : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ) الآية ، [ سورة النساء : 93 ] ، وأكل الربا : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) الآية ، وأكل أموال اليتامى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) الآية ، وقذف المحصنة : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ) الآية ، والفرار من الزحف : ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ) الآية ، [ سورة الأنفال : 16 ] والمرتد أعرابيا بعد هجرته : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ) الآية .

[ ص: 237 ] 9182 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد قال : سألت عبيدة عن الكبائر فقال : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها ، وفرار يوم الزحف ، وأكل مال اليتيم بغير حقه ، وأكل الربا ، والبهتان . قال : ويقولون : أعرابية بعد هجرة قال ابن عون : فقلت لمحمد : فالسحر ؟ قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا .

9183 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور وهشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة أنه قال : الكبائر : الإشراك ، وقتل النفس الحرام ، وأكل الربا ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف ، والمرتد أعرابيا بعد هجرته .

9184 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة بنحوه .

وعلة من قال هذه المقالة ما :

9185 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : أخبرني الليث قال : حدثني خالد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن نعيم المجمر قال : أخبرني صهيب مولى العتواري : أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري يقولان : خطبنا رسول [ ص: 238 ] الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فقال : والذي نفسي بيده ثلاث مرات ثم أكب ، فأكب كل رجل منا يبكي ، لا يدري على ماذا حلف ، ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر ، فكان أحب إلينا من حمر النعم ، فقال : ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ، ويصوم رمضان ، ويخرج الزكاة ، ويجتنب الكبائر السبع ، إلا فتحت له أبواب الجنة ، ثم قيل : ادخل بسلام " .

9186 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء قال : الكبائر سبع : قتل النفس ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، ورمي المحصنة ، وشهادة الزور ، وعقوق الوالدين ، والفرار يوم الزحف .

[ ص: 239 ] وقال آخرون هي تسع .

ذكر من قال ذلك :

9187 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا زياد بن مخراق ، عن طيسلة بن مياس قال : كنت مع النجدات ، فأصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر ! فلقيت ابن عمر فقلت : أصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر ! قال : وما هي ؟ قلت : أصبت كذا وكذا . قال : ليس من الكبائر - قال لشيء لم يسمه طيسلة - قال : هي تسع ، وسأعدهن عليك : الإشراك بالله ، وقتل النسمة بغير حلها ، والفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وإلحاد في المسجد الحرام ، والذي يستسحر ، وبكاء الوالدين [ ص: 240 ] من العقوق قال زياد : وقال طيسلة : لما رأى ابن عمر فرقي ؛ قال : أتخاف النار أن تدخلها ؟ قلت : نعم ! قال : وتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت : نعم ! قال : أحي والداك ؟ قلت : عندي أمي . قال : فوالله لئن أنت ألنت لها الكلام ، وأطعمتها الطعام ، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات .

9188 - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز الواسطي قال : أخبرنا سلم بن سلام قال : أخبرنا أيوب بن عتبة ، عن طيسلة بن علي النهدي قال : أتيت ابن عمر وهو في ظل أراك يوم عرفة ، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه ، قال : قلت : أخبرني عن الكبائر ؟ قال : هي تسع . قلت : ما هن ؟ قال : الإشراك بالله ، وقذف المحصنة . قال : قلت : قبل القتل ؟ قال : نعم ، ورغما - وقتل النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق [ ص: 241 ] الوالدين المسلمين ، وإلحاد بالبيت الحرام ، قبلتكم أحياء وأمواتا .

9189 - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز قال : أخبرنا سلم بن سلام قال : أخبرنا أيوب بن عتبة ، عن يحيى ، عن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله إلا أنه قال : بدأ بالقتل قبل القذف .

[ ص: 242 ] وقال آخرون : هي أربع .

ذكر من قال ذلك :

9190 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن مطرف ، عن وبرة ، عن ابن مسعود قال : الكبائر : الإشراك بالله ، والقنوط [ ص: 243 ] من رحمة الله ، والإياس من روح الله ، والأمن من مكر الله .

9191 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مطرف ، عن وبرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الطفيل ، قال : قال عبد الله بن مسعود : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله .

9192 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن وبرة بن عبد الرحمن قال : قال عبد الله : إن الكبائر : الشرك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله ، والإياس من روح الله .

9193 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت مطرفا ، عن وبرة ، عن أبي الطفيل قال : قال عبد الله : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله .

9194 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا عبد الله قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن وبرة ، عن أبي الطفيل قال : سمعت ابن مسعود يقول : أكبر الكبائر : الإشراك بالله .

9195 - حدثني محمد بن عمارة قال : حدثنا عبد الله قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن وبرة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بنحوه .

9196 - حدثني ابن المثنى قال : حدثني وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، والأمن من مكر الله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله .

[ ص: 244 ] 9197 - وبه قال : حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بمثله .

9198 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بن مسعود بنحوه .

9199 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي الطفيل ، عن ابن مسعود قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، والأمن لمكر الله ، والإياس من روح الله .

9200 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله قال : الكبائر : القنوط من رحمة الله ، والإياس من روح الله ، والأمن لمكر الله ، والشرك بالله .

وقال آخرون : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة .

ذكر من قال ذلك :

9201 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم ، عن منصور ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس - قال : ذكرت عنده الكبائر - فقال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة .

9202 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا أيوب ، عن محمد قال : أنبئت أن ابن عباس كان يقول : كل ما نهى الله عنه [ ص: 245 ] كبيرة وقد ذكرت الطرفة ، قال : هي النظرة .

9203 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر ، عن أبيه ، عن طاوس قال : قال رجل لعبد الله بن عباس : أخبرني بالكبائر السبع . قال : فقال ابن عباس : هي أكثر من سبع وسبع . فما أدري كم قالها من مرة .

9204 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، عن طاوس قال : ذكروا عند ابن عباس الكبائر فقالوا : هي سبع . قال : هي أكثر من سبع وسبع ! قال سليمان : فلا أدري كم قالها من مرة .

9205 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي ، عن عوف قال : قام أبو العالية الرياحي على حلقة أنا فيها فقال : إن ناسا يقولون : " الكبائر سبع " وقد خفت أن تكون الكبائر سبعين أو يزدن على ذلك .

9206 - حدثنا علي قال : حدثنا الوليد قال : سمعت أبا عمرو يخبر ، عن الزهري ، عن ابن عباس : أنه سئل عن الكبائر : أسبع هي ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب .

9207 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن قيس بن سعد ، عن سعيد بن جبير ، أن رجلا قال لابن عباس : كم الكبائر ؟ أسبع هي ؟ قال : إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ، غير أنه لا كبيرة مع استغفار ، ولا صغيرة مع إصرار .

9208 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن طاوس قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهن الله ؟ ما هن ؟ قال : هن إلى السبعين أدنى منها إلى سبع . [ ص: 246 ] 9209 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : قيل لابن عباس : الكبائر سبع ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب .

9210 - حدثنا أحمد بن حازم قال : أخبرنا أبو نعيم قال : حدثنا عبد الله بن سعدان ، عن أبي الوليد قال : سألت ابن عباس عن الكبائر ، قال : كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة .

وقال آخرون : هي ثلاث .

ذكر من قال ذلك :

9211 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن مسعود قال : الكبائر ثلاث : اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله .

وقال آخرون : كل موجبة ، وكل ما أوعد الله أهله عليه النار ، فكبيرة .

ذكر من قال ذلك :

9212 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ، قال : " الكبائر " كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ، أو عذاب .

9213 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا [ ص: 247 ] هشام بن حسان ، عن محمد بن واسع قال : قال سعيد بن جبير : كل موجبة في القرآن كبيرة .

9214 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن مهزم الشعاب ، عن محمد بن واسع الأزدي ، عن سعيد بن جبير قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار ، فهو من الكبائر .

9215 - حدثنا علي بن سهل قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن سالم : أنه سمع الحسن يقول : كل موجبة في القرآن كبيرة .

9216 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ، قال : الموجبات .

9217 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

9218 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا جويبر ، عن الضحاك قال : الكبائر : كل موجبة أوجب الله لأهلها النار . وكل عمل يقام به الحد ، فهو من الكبائر .

قال أبو جعفر : والذي نقول به في ذلك ، ما ثبت به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك ما :

9219 - حدثنا به أحمد بن الوليد القرشي قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : [ ص: 248 ] حدثنا شعبة قال : حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال : سمعت أنس بن مالك قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر أو : سئل عن الكبائر فقال : الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين . فقال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قال : قول الزور أو قال : شهادة الزور قال شعبة : وأكبر ظني أنه قال : شهادة الزور .

9220 - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة قال : أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكبائر قال : " الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، وقول الزور .

9221 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا يحيى بن كثير قال : حدثنا شعبة ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس قال : ذكروا الكبائر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس . ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قول الزور .

9222 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، [ ص: 249 ] عن فراس ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين أو : قتل النفس ، - شعبة الشاك - واليمين الغموس .

9223 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا شيبان ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو قال : جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما الكبائر ؟ قال : الشرك بالله . قال : ثم مه ؟ قال : وعقوق الوالدين . قال : ثم مه ؟ قال : واليمين الغموس . قلت للشعبي : ما اليمين الغموس ؟ قال : الذي يقتطع مال امرئ مسلم بيمينه وهو فيها كاذب .

9224 - حدثني المثنى قال : حدثنا ابن أبي السري محمد بن المتوكل العسقلاني قال : حدثنا يحيى بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي رهم ، عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أقام الصلاة ، [ ص: 250 ] وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، واجتنب الكبائر ، فله الجنة . قيل : وما الكبائر ؟ قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، والفرار يوم الزحف .

9225 - حدثني عباس بن أبي طالب قال : حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر ، عن ابن أبي جعفر ، عن ابن أبي الزناد ، عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن سلمان الأغر ، عن أبيه أبي عبد الله سلمان الأغر قال : قال أبو أيوب [ ص: 251 ] خالد بن أيوب الأنصاري - عقبي بدري - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من عبد يعبد الله لا يشرك به شيئا ، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويصوم رمضان ، ويجتنب الكبائر ، إلا دخل الجنة . فسألوه : ما الكبائر ؟ قال : الإشراك بالله ، والفرار من الزحف ، وقتل النفس .

9226 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا عباد بن عباد ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة : أن ناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا الكبائر وهو متكئ ، فقالوا : الشرك بالله ، وأكل مال اليتيم ، وفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور ، والغلول ، والسحر ، وأكل الربا : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فأين تجعلون : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) ؟ إلى آخر الآية ، [ سورة آل عمران : 77 ] .

[ ص: 252 ] 9227 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي معاوية ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما الكبائر ؟ قال : أن تدعو لله ندا وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك من أجل مأكل معك ، أو تزني بحليلة جارك . وقرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) [ سورة الفرقان : 68 ] .

9228 - حدثني هذا الحديث عبد الله بن محمد الزهري فقال : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو معاوية النخعي وكان على السجن سمعه من أبي عمرو ، عن عبد الله بن مسعود : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : أي العمل شر ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك خشية من أن يأكل معك ، أو تزني بجارتك . وقرأ علي : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر )

قال أبو جعفر : وأولى ما قيل في تأويل " الكبائر " بالصحة ، ما صح به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قاله غيره ، وإن كان كل [ ص: 253 ] قائل فيها قولا من الذين ذكرنا أقوالهم - قد اجتهد وبالغ في نفسه . ولقوله في الصحة مذهب . فالكبائر إذا : الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس المحرم قتلها ، وقول الزور - وقد يدخل في " قول الزور " : شهادة الزور ، وقذف المحصنة ، واليمين الغموس ، والسحر . ويدخل في قتل النفس المحرم قتلها : قتل الرجل ولده من أجل أن يطعم معه ، والفرار من الزحف ، والزنا بحليلة الجار .

وإذ كان ذلك كذلك ، صح كل خبر روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معنى الكبائر ، وكان بعضه مصدقا بعضا . وذلك أن الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " هي سبع " يكون معنى قوله حينئذ : " هي سبع " على التفصيل ، ويكون معنى قوله في الخبر الذي روي عنه أنه قال : " هي الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور " على الإجمال ، [ ص: 254 ] إذ كان قوله : " وقول الزور " يحتمل معاني شتى ، وأن يجمع جميع ذلك " قول الزور " .

وأما خبر ابن مسعود الذي حدثني به الفريابي على ما ذكرت ، فإنه عندي غلط من عبيد الله بن محمد ؛ لأن الأخبار المتظاهرة من الأوجه الصحاح عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو الرواية التي رواها الزهري عن ابن عيينة . ولم يقل أحد منهم في حديثه عن ابن مسعود " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : سئل عن الكبائر " . فنقلهم ما نقلوا من ذلك عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - أولى بالصحة من نقل الفريابي .

قال أبو جعفر : فمن اجتنب الكبائر ، التي وعد الله مجتنبها تكفير ما عداها من سيئاته وإدخاله مدخلا كريما ، وأدى فرائضه التي فرضها الله عليه - وجد الله لما وعده من وعد منجزا ، وعلى الوفاء له ثابتا .

وأما قوله : نكفر عنكم سيئاتكم ، فإنه يعني به : نكفر عنكم ، أيها المؤمنون ، باجتنابكم كبائر ما ينهاكم عنه ربكم ، صغائر سيئاتكم . يعني : صغائر ذنوبكم ، كما :

9229 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : نكفر عنكم سيئاتكم ، الصغائر .

9230 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن الحسن : أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر ، فقالوا : نرى أشياء من كتاب [ ص: 255 ] الله ، أمر أن يعمل بها ، لا يعمل بها ، فأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك ؟ فقدم وقدموا معه ، فلقيه عمر رضي الله عنه فقال : متى قدمت ؟ قال : منذ كذا وكذا . قال : أبإذن قدمت ؟ قال : فلا أدري كيف رد عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن ناسا لقوني بمصر فقالوا : " إنا نرى أشياء من كتاب الله تبارك وتعالى ، أمر أن يعمل بها ولا يعمل بها " فأحبوا أن يلقوك في ذلك . فقال : اجمعهم لي . قال : فجمعتهم له - قال ابن عون : أظنه قال : في بهو - فأخذ أدناهم رجلا فقال : أنشدكم بالله وبحق الإسلام عليك ، أقرأت القرآن كله ؟ قال : نعم . قال : فهل أحصيته في نفسك ؟ قال : اللهم لا ! قال : ولو قال : " نعم " لخصمه ، قال : فهل أحصيته في بصرك ؟ هل أحصيته في لفظك ؟ هل أحصيته في أثرك ؟ قال : ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم ، فقال : ثكلت عمر أمه ! أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ؟ قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات . قال : وتلا " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما . هل علم أهل المدينة - أو قال : هل علم أحد - بما قدمتم ؟ قالوا ، لا ! قال : لو علموا لوعظت بكم . [ ص: 256 ] 9231 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا زياد بن مخراق ، عن معاوية بن قرة قال : أتينا أنس بن مالك ، فكان فيما حدثنا قال : لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا ، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال ! ثم سكت هنيهة ، ثم قال : والله لقد كلفنا ربنا أهون من ذلك ! لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر ! فما لنا ولها ؟ ثم تلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية .

9232 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية ، إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر . وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اجتنبوا الكبائر ، وسددوا ، وأبشروا " .

9233 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن ابن مسعود قال في خمس آيات من " سورة النساء " : لهن أحب إلي من الدنيا جميعا ، ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) وقوله : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ) [ سورة النساء : 40 ] ، وقوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] [ ص: 257 ] ، وقوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ سورة النساء : 110 ] ، وقوله : ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ) [ سورة النساء : 152 ] .

9234 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني أبو النضر ، عن صالح المري ، عن قتادة ، عن ابن عباس قال : ثمان آيات نزلت في " سورة النساء " هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت ، أولاهن : ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ) [ سورة النساء : 26 ] ، والثانية : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) [ سورة النساء : 27 ] ، والثالثة : ( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) [ سورة النساء : 28 ] ، ثم ذكر مثل قول ابن مسعود سواء ، وزاد فيه : ثم أقبل يفسرها في آخر الآية : وكان الله للذين عملوا الذنوب غفورا رحيما .

وأما قوله : وندخلكم مدخلا كريما ، فإن القرأة اختلفت في قراءته . فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض الكوفيين : " وندخلكم مدخلا كريما " [ ص: 258 ] بفتح " الميم " وكذلك الذي في " الحج " : " ليدخلنهم مدخلا يرضونه " [ سورة الحج : 59 ] ، فمعنى : " وندخلكم مدخلا " فيدخلون دخولا كريما . وقد يحتمل على مذهب من قرأ هذه القراءة - أن يكون المعنى في " المدخل " : المكان والموضع ؛ لأن العرب ربما فتحت " الميم " من ذلك بهذا المعنى ، كما قال الراجز :


بمصبح الحمد وحيث نمسي

وقد أنشدني بعضهم سماعا من العرب :


الحمد لله ممسانا ومصبحنا     بالخير صبحنا ربي ومسانا



وأنشدني آخر غيره :


الحمد لله ممسانا ومصبحنا



لأنه من " أصبح " " وأمسى " . وكذلك تفعل العرب فيما كان من الفعل بناؤه على أربعة ، تضم ميمه في مثل هذا فتقول : " دحرجته أدحرجه مدحرجا ، فهو مدحرج " . ثم تحمل ما جاء على " أفعل يفعل " على ذلك ؛ لأن " يفعل " من " يدخل " وإن كان على أربعة ، فإن أصله أن يكون على " يؤفعل " " يؤدخل " و " يؤخرج " فهو نظير " يدحرج " .

[ ص: 259 ] وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين والبصريين - " مدخلا " بضم " الميم " . يعني : وندخلكم إدخالا كريما .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب ، قراءة من قرأ ذلك : ( وندخلكم مدخلا كريما ) بضم " الميم " لما وصفنا ، من أن ما كان من الفعل بناؤه على أربعة في " فعل " فالمصدر منه " مفعل " . وأن " أدخل " و " دحرج " " فعل " منه على أربعة . ف " المدخل " مصدره أولى من " مفعل " مع أن ذلك أفصح في كلام العرب في مصادر ما جاء على " أفعل " كما يقال : " أقام بمكان فطاب له المقام " إذ أريد به الإقامة و " قام في موضعه فهو في مقام واسع " كما قال - جل ثناؤه - : ( إن المتقين في مقام أمين ) [ سورة الدخان : 51 ] ، من " قام يقوم " . ولو أريد به " الإقامة " لقرئ : " إن المتقين في مقام أمين " كما قرئ : ( وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ) [ سورة الإسراء : 80 ] ، بمعنى " الإدخال " و " الإخراج " . ولم يبلغنا عن أحد أنه قرأ : " مدخل صدق " ولا " مخرج صدق " بفتح " الميم " .

وأما " المدخل الكريم " فهو : الطيب الحسن ، المكرم بنفي الآفات والعاهات عنه ، وبارتفاع الهموم والأحزان ودخول الكدر في عيش من دخله ، فلذلك سماه الله كريما ، كما :

9235 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : [ ص: 260 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : وندخلكم مدخلا كريما ، قال : " الكريم " هو الحسن في الجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية