القول في 
تأويل قوله ( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن  ) 
قال 
أبو جعفر   : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . 
فقال بعضهم : معنى ذلك : للرجال نصيب مما اكتسبوا ، من الثواب على الطاعة ، والعقاب على المعصية 
وللنساء نصيب من ذلك مثل ذلك . 
ذكر من قال ذلك : 
9249 - حدثنا 
بشر بن معاذ  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة  قوله : " 
ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا الصبي شيئا ، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع . فلما نجز للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه ، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، قال النساء : " لو  
[ ص: 266 ] كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال " ! وقال الرجال : " إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة ، كما فضلنا عليهن في الميراث " ! فأنزل الله : 
للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، يقول : المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها ، كما يجزى الرجل ، قال الله تعالى : 
واسألوا الله من فضله  . 
9250 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
عبد الرحمن بن أبي حماد  قال : حدثني 
أبو ليلى  قال : سمعت 
أبا حريز  يقول : لما نزل : 
للذكر مثل حظ الأنثيين ، قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب ، كما لهم نصيبان من الميراث ! فأنزل الله : 
للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، يعني الذنوب " واسألوا الله " يا معشر النساء " من فضله " . 
وقال آخرون : بل معنى ذلك : للرجال نصيب مما اكتسبوا من ميراث موتاهم ، وللنساء نصيب منهم . 
ذكر من قال ذلك : 
9251 - حدثنا 
المثنى  قال : حدثنا 
عبد الله بن صالح  قال : حدثني 
معاوية بن صالح ،  عن 
علي بن أبي طلحة ،  عن 
ابن عباس  قوله : 
للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن  [ ص: 267 ] ، يعني : ما ترك الوالدان والأقربون : يقول : للذكر مثل حظ الأنثيين  . 
9252 - حدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
جرير ،  عن 
أبي إسحاق ،  عن 
عكرمة  أو غيره في قوله : 
للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، قال : في الميراث ، كانوا لا يورثون النساء  . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية ، قول من قال : معناه : للرجال نصيب من ثواب الله وعقابه مما اكتسبوا فعملوه من خير أو شر ، وللنساء نصيب مما اكتسبن من ذلك كما للرجال . 
وإنما قلنا إن ذلك أولى بتأويل الآية من قول من قال : " تأويله : للرجال نصيب من الميراث ، وللنساء نصيب منه " لأن الله - جل ثناؤه - أخبر أن لكل فريق من الرجال والنساء نصيبا مما اكتسب . وليس الميراث مما اكتسبه الوارث ، وإنما هو مال أورثه الله عن ميته بغير اكتساب ، وإنما " الكسب " العمل ، و " المكتسب " : المحترف . فغير جائز أن يكون معنى الآية وقد قال الله : 
للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن  : للرجال نصيب مما ورثوا ، وللنساء نصيب مما ورثن . لأن ذلك لو كان كذلك لقيل : " للرجال نصيب مما لم يكتسبوا ، وللنساء نصيب مما لم يكتسبن " ! !