1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة البقرة
  4. القول في تأويل قوله تعالى " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض )

قال أبو جعفر : إن الله جل ثناؤه عرف ملائكته - الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض ، ووصفوا أنفسهم بطاعته والخضوع لأمره ، دون غيرهم الذين يفسدون فيها ويسفكون الدماء - أنهم ، من الجهل بمواقع تدبيره ومحل قضائه ، قبل إطلاعه إياهم عليه ، على نحو جهلهم بأسماء الذين عرضهم عليهم ، إذ كان ذلك مما لم يعلمهم فيعلموه ، وأنهم وغيرهم من العباد لا يعلمون من العلم إلا ما علمهم إياه ربهم ، وأنه يخص بما شاء من العلم من شاء من الخلق ، ويمنعه منهم من شاء ، كما علم آدم أسماء ما عرض على الملائكة ، ومنعهم علمها إلا بعد تعليمه إياهم .

فأما تأويل قوله : " قال يا آدم أنبئهم " يقول : أخبر الملائكة ، والهاء والميم في قوله : " أنبئهم " عائدتان على الملائكة . وقوله : " بأسمائهم " يعني بأسماء الذين عرضهم على الملائكة ، والهاء والميم اللتان في " أسمائهم " كناية عن ذكر [ ص: 497 ] " هؤلاء " التي في قوله : " أنبئوني بأسماء هؤلاء " " فلما أنبأهم " يقول : فلما أخبر آدم الملائكة بأسماء الذين عرضهم عليهم ، فلم يعرفوا أسماءهم ، وأيقنوا خطأ قيلهم : " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " وأنهم قد هفوا في ذلك وقالوا ما لا يعلمون كيفية وقوع قضاء ربهم في ذلك لو وقع ، على ما نطقوا به ، قال لهم ربهم : " ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض " والغيب : هو ما غاب عن أبصارهم فلم يعاينوه ، توبيخا من الله جل ثناؤه لهم بذلك ، على ما سلف من قيلهم ، وفرط منهم من خطأ مسألتهم . كما :

676 - حدثنا به محمد بن العلاء ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم " يقول : أخبرهم بأسمائهم " فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم " أيها الملائكة خاصة " إني أعلم غيب السماوات والأرض " ولا يعلمه غيري .

677 - وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قصة الملائكة وآدم : فقال الله للملائكة : كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم ، إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها ، هذا عندي قد علمته ، فكذلك أخفيت عنكم أني أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني ، قال : وسبق من الله : ( لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) [ سورة هود : 119 ، وسورة السجدة : 13 ] ، قال : ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه . قال : فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا لآدم بالفضل .

التالي السابق


الخدمات العلمية