صفحة جزء
[ ص: 407 ]

القول في تأويل قوله ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه فلم تجدوا ماء أو لمستم النساء فطلبتم الماء لتتطهروا به فلم تجدوه بثمن ولا غير ثمن فتيمموا " يقول فتعمدوا .

وهو : تفعلوا من قول القائل تيممت كذا : إذا قصدته وتعمدته فأنا أتيممه وقد يقال منه يممه فلان فهو ييممه وأممته أنا وأممته " خفيفة وتيممت وتأممت ولم يسمع فيها يممت خفيفة ومنه قول أعشى بني ثعلبة :


تيممت قيسا وكم دونه من الأرض من مهمة ذي شزن



يعني بقوله تيممت تعمدت وقصدت .

وقد ذكر أنها في قراءة عبد الله فأموا صعيدا " .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك :

9643 - حدثني عبد الله بن محمد قال حدثنا عبدان قال أخبرنا ابن المبارك قال سمعت سفيان يقول في قوله فتيمموا صعيدا طيبا قال تحروا وتعمدوا صعيدا طيبا . [ ص: 408 ]

وأما الصعيد " فإن أهل التأويل اختلفوا فيه

فقال بعضهم هو الأرض الملساء التي لا نبات فيها ولا غراس

ذكر من قال ذلك

9644 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة : صعيدا طيبا قال التي ليس فيها شجر ولا نبات .

وقال آخرون بل هو الأرض المستوية

ذكر من قال ذلك :

9645 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد الصعيد المستوي .

وقال آخرون : بل الصعيد التراب .

ذكر من قال ذلك :

9646 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا الحكم بن بشير قال حدثنا عمرو بن قيس الملائي قال الصعيد التراب .

وقال آخرون الصعيد وجه الأرض .

وقال آخرون بل هو وجه الأرض ذات التراب والغبار .

قال أبو جعفر : وأولى ذلك بالصواب قول من قال هو وجه الأرض الخالية من النبات والغروس والبناء المستوية ومنه قول ذي الرمة : [ ص: 409 ]


كأنه بالضحى ترمي الصعيد به     دبابة في عظام الرأس خرطوم



يعني تضرب به وجه الأرض .

وأما قوله طيبا فإنه يعني به طاهرا من الأقذار والنجاسات .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله طيبا

فقال بعضهم حلالا .

ذكر من قال ذلك :

9647 - حدثني عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن المبارك قال سمعت سفيان يقول في قوله صعيدا طيبا " قال قال بعضهم حلالا .

وقال بعضهم بما

9648 - حدثني عبد الله قال حدثنا عبدان قال أخبرنا ابن المبارك عن ابن جريج قراءة قال قلت لعطاء : فتيمموا صعيدا طيبا قال طيب ما حولك . قلت مكان جرد غير بطح أيجزئ عني قال : نعم [ ص: 410 ]

ومعنى الكلام فإن لم تجدوا ماء أيها الناس وكنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فأردتم أن تصلوا فتيمموا " يقول فتعمدوا وجه الأرض الطاهرة فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية