القول في 
تأويل قوله تعالى : ( فأزلهما الشيطان عنها  ) 
قال 
أبو جعفر :  اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامتهم ، " فأزلهما " بتشديد اللام ، بمعنى : استزلهما ، من قولك زل الرجل في دينه : إذا هفا فيه وأخطأ ، فأتى ما ليس له إتيانه فيه . وأزله غيره : إذا سبب له ما يزل من أجله في دينه أو دنياه ، ولذلك أضاف الله تعالى ذكره إلى إبليس خروج 
آدم  وزوجته من الجنة ، فقال : " فأخرجهما " يعني إبليس " 
مما كانا فيه  " لأنه كان الذي سبب لهما الخطيئة التي عاقبهما الله عليها بإخراجهما من الجنة . 
وقرأه آخرون : " فأزالهما " بمعنى إزالة الشيء عن الشيء ، وذلك تنحيته عنه . 
وقد روي عن 
ابن عباس  في تأويل قوله : " فأزلهما " ما :  
[ ص: 525 ] 
741 - حدثنا 
القاسم ،  قال : حدثنا 
الحسين ،  قال : حدثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  قال : قال 
ابن عباس  في تأويل قوله تعالى : " 
فأزلهما الشيطان  " قال : أغواهما . 
وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ : " 
فأزلهما  " لأن الله جل ثناؤه قد أخبر في الحرف الذي يتلوه . بأن إبليس أخرجهما مما كانا فيه . وذلك هو معنى قوله " فأزالهما " فلا وجه - إذ كان معنى الإزالة معنى التنحية والإخراج - أن يقال : " فأزالهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه " فيكون كقوله : " فأزالهما الشيطان عنها فأزالهما مما كانا فيه . ولكن المفهوم أن يقال : فاستزلهما إبليس عن طاعة الله ، كما قال جل ثناؤه : " 
فأزلهما الشيطان  " وقرأت به القراء ، فأخرجهما باستزلاله إياهما من الجنة . 
فإن قال لنا قائل : وكيف كان استزلال إبليس 
آدم  وزوجته ، حتى أضيف إليه إخراجهما من الجنة ؟ 
قيل : قد قالت العلماء في ذلك أقوالا سنذكر بعضها 
فحكي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه  في ذلك ما : 
742 - حدثنا به 
الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا 
عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا 
عمر بن عبد الرحمن بن مهرب  قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ،  يقول : لما  
[ ص: 526 ] أسكن الله 
آدم  وذريته - أو زوجته - الشك من 
أبي جعفر  ، وهو في أصل كتابه : " وذريته " ، ونهاه عن الشجرة ، وكانت شجرة غصونها متشعب بعضها في بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم ، وهي الثمرة التي نهى الله 
آدم  عنها وزوجته . فلما أراد إبليس أن يستزلهما دخل في جوف الحية ، وكانت للحية أربع قوائم كأنها بختية ، من أحسن دابة خلقها الله ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج من جوفها إبليس ، فأخذ من الشجرة التي نهى الله عنها 
آدم  وزوجته ، فجاء بها إلى 
حواء  فقال : انظري إلى هذه الشجرة! ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها! فأخذت 
حواء  فأكلت منها ثم ذهبت بها إلى 
آدم  فقالت : انظر إلى هذه الشجرة! ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها! فأكل منها 
آدم  ، فبدت لهما سوآتهما . فدخل 
آدم  في جوف الشجرة ، فناداه ربه يا 
آدم  أين أنت ؟ قال : أنا هنا يا رب ! قال : ألا تخرج ؟ قال : أستحيي منك يا رب . قال : ملعونة الأرض التي خلقت منها لعنة يتحول ثمرها شوكا . قال : ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجرة كان أفضل من الطلح والسدر ، ثم قال : يا 
حواء ،  أنت التي غررت عبدي ، فإنك لا تحملين حملا إلا حملته كرها ، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا . وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي ، ملعونة أنت لعنة تتحول قوائمك في بطنك ، ولا يكن لك رزق إلا التراب ، أنت عدوة بني آدم وهم أعداؤك ، حيث لقيت أحدا منهم أخذت بعقبه ، وحيث لقيك شدخ رأسك . قال عمر : قيل 
لوهب   : وما كانت الملائكة تأكل ؟ قال : يفعل الله ما يشاء .  
[ ص: 527 ] 
وروي عن 
ابن عباس  نحو هذه القصة : 
743 - حدثني 
موسى بن هارون ،  قال : حدثنا 
عمرو ،  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي  في خبر ذكره ، عن 
أبي مالك ،  وعن 
أبي صالح ،  عن 
ابن عباس  ، وعن 
مرة ،  عن 
ابن مسعود ،  وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لما قال الله عز وجل 
لآدم   : " 
اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين  " أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة ، فمنعته الخزنة . فأتى الحية - وهي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير ، وهي كأحسن الدواب - فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم ، فأدخلته في فقمها - قال 
أبو جعفر :  والفقم جانب الشدق - فمرت الحية على الخزنة فدخلت ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر . فكلمه من فقمها فلم يبال كلامه ، فخرج إليه فقال : ( 
يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى  ) [ سورة طه : 120 ] يقول : هل أدلك على شجرة إن أكلت منها كنت ملكا مثل الله عز وجل ، أو تكونا من الخالدين ، فلا تموتان أبدا . وحلف لهما بالله إني لكما لمن الناصحين . وإنما أراد بذلك ليبدي لهما ما توارى عنهما من سوآتهما بهتك لباسهما . وكان قد علم أن لهما سوأة ، لما كان يقرأ من كتب الملائكة ، ولم يكن 
آدم  يعلم ذلك . وكان لباسهما الظفر ، فأبى 
آدم  أن يأكل منها ، فتقدمت 
حواء  فأكلت ، ثم قالت : يا 
آدم  كل! فإني قد أكلت فلم يضرني . فلما أكل 
آدم  بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة .  
[ ص: 528 ] 
744 - حدثت عن 
عمار بن الحسن ،  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع ،  قال : حدثني محدث : أن الشيطان دخل الجنة في صورة دابة ذات قوائم ، فكان يرى أنه البعير ، قال : فلعن ، فسقطت قوائمه فصار حية . 
745 - وحدثت عن 
عمار ،  قال : حدثنا 
ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن 
الربيع ،  قال : وحدثني 
أبو العالية  أن من الإبل ما كان أولها من الجن ، قال : فأبيحت له الجنة كلها إلا الشجرة ، وقيل لهما : " 
لا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين  " قال : فأتى الشيطان 
حواء  فبدأ بها ، فقال : أنهيتما عن شيء ؟ قالت : نعم! عن هذه الشجرة فقال : ( 
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين  ) [ سورة الأعراف : 20 ] قال : فبدأت 
حواء  فأكلت منها ، ثم أمرت 
آدم  فأكل منها . قال : وكانت شجرة من أكل منها أحدث . قال : ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث . قال : " فأزالهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه " قال : فأخرج آدم من الجنة . 
746 - حدثنا 
ابن حميد ،  قال : حدثنا 
سلمة ،  قال : حدثنا 
ابن إسحاق ،  عن بعض أهل العلم : أن 
آدم  حين دخل الجنة ورأى ما فيها من الكرامة وما أعطاه الله منها ، قال : لو أن خلدا كان! فاغتمز فيها منه الشيطان لما سمعها منه ، فأتاه من قبل الخلد . .  
[ ص: 529 ] 
747 - وحدثنا 
ابن حميد ،  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق  قال : حدثت : أن أول ما ابتدأهما به من كيده إياهما ، أنه ناح عليهما نياحة أحزنتهما حين سمعاها ، فقالا ما يبكيك ؟ قال : أبكي عليكما ، تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة والكرامة . فوقع ذلك في أنفسهما . ثم أتاهما فوسوس إليهما ، فقال : يا 
آدم  هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ؟ وقال : " 
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين  " أي تكونا ملكين ، أو تخلدا - إن لم تكونا ملكين - في نعمة الجنة فلا تموتان . يقول الله جل ثناؤه : " 
فدلاهما بغرور  " 
748 - حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ،  قال : أخبرنا 
ابن وهب ،  قال : قال 
ابن زيد   : وسوس الشيطان إلى 
حواء  في الشجرة حتى أتى بها إليها ، ثم حسنها في عين 
آدم   . قال : فدعاها 
آدم  لحاجته ، قالت : لا! إلا أن تأتي ههنا . فلما أتى قالت : لا! إلا أن تأكل من هذه الشجرة . قال : فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما . قال : وذهب 
آدم  هاربا في الجنة ، فناداه ربه : يا 
آدم  أمني تفر ؟ قال : لا يا رب ، ولكن حياء منك . قال : يا 
آدم  أنى أتيت ؟ قال : من قبل 
حواء  أي رب . فقال الله : فإن لها علي أن أدميها في كل شهر 
مرة ،  كما أدميت هذه الشجرة ، وأن أجعلها سفيهة فقد كنت خلقتها حليمة ، وأن أجعلها تحمل كرها وتضع كرها ، فقد كنت جعلتها تحمل يسرا وتضع يسرا . قال ابن زيد : ولولا البلية التي أصابت 
حواء   . لكان نساء الدنيا لا يحضن ، ولكن حليمات ، وكن يحملن يسرا ويضعن يسرا .  
[ ص: 530 ] 
749 - وحدثنا 
ابن حميد ،  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
محمد بن إسحاق ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17368يزيد بن عبد الله بن قسيط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،  قال : سمعته يحلف بالله ما يستثني ما أكل 
آدم  من الشجرة وهو يعقل ، ولكن 
حواء  سقته الخمر ، حتى إذا سكر قادته إليها فأكل . 
750 - وحدثنا 
ابن حميد ،  قال : حدثنا 
سلمة ،  عن 
ابن إسحاق ،  عن 
ليث بن أبي سليم ،  عن 
طاوس اليماني ،  عن 
ابن عباس ،  قال : إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أيها يحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم 
آدم  وزوجته ، فكل الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلم الحية فقال لها : أمنعك من ابن آدم ، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتني الجنة . فجعلته بين نابين من أنيابها ، ثم دخلت به ، فكلمهما من فيها ، وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم ، فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها . قال : يقول ابن عباس : اقتلوها حيث وجدتموها ، أخفروا ذمة عدو الله فيها . 
751 - وحدثنا 
ابن حميد  قال : حدثنا 
سلمة ،  قال : قال 
ابن إسحاق   : وأهل التوراة يدرسون : إنما كلم 
آدم  الحية ، ولم يفسروا كتفسير 
ابن عباس   . 
752 - وحدثنا 
القاسم ،  قال : حدثنا 
الحسين ،  قال : حدثني 
حجاج ،  عن 
أبي معشر ،  عن 
محمد بن قيس ،  قال : 
نهى الله آدم  وحواء  أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة ، ويأكلا منها رغدا حيث شاءا . فجاء الشيطان فدخل في جوف الحية ، فكلم 
حواء  ، 
ووسوس الشيطان إلى آدم  فقال : " 
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين  "  
[ ص: 531 ] قال : فقطعت 
حواء  الشجرة فدميت الشجرة . وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما ، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، وناداهما ربهما : ( 
ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين  ) [ سورة الأعراف : 22 ] . لم أكلتها وقد نهيتك عنها ؟ قال : يا رب أطعمتني 
حواء   . قال 
لحواء   : لم أطعمته ؟ قالت : أمرتني الحية . قال للحية : لم أمرتها ؟ قالت : أمرني إبليس . قال : ملعون مدحور! أما أنت يا 
حواء  فكما أدميت الشجرة تدمين في كل هلال ، وأما أنت يا حية فأقطع قوائمك فتمشين جريا على وجهك ، وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر ، اهبطوا بعضكم لبعض عدو . 
قال 
أبو جعفر :  وقد رويت هذه الأخبار - عمن رويناها عنه من الصحابة والتابعين وغيرهم - في صفة استزلال إبليس عدو الله 
آدم  وزوجته حتى أخرجهما من الجنة . 
وأولى ذلك بالحق عندنا ما كان لكتاب الله موافقا . وقد أخبر الله تعالى ذكره عن إبليس أنه وسوس 
لآدم  وزوجته ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما ، وأنه قال لهما : " 
ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين  " وأنه " 
قاسمهما إني لكما لمن الناصحين  " مدليا لهما بغرور . ففي إخباره جل ثناؤه - عن عدو الله أنه قاسم 
آدم  وزوجته بقيله لهما : إني لكما لمن الناصحين - الدليل الواضح على أنه قد باشر خطابهما بنفسه ، إما ظاهرا لأعينهما ، وإما مستجنا في غيره . وذلك أنه غير معقول في كلام العرب أن يقال : قاسم فلان فلانا في كذا وكذا . إذا سبب له سببا وصل به إليه دون أن يحلف له . والحلف لا يكون بتسبب السبب . فكذلك قوله " 
فوسوس إليه الشيطان  " لو كان ذلك كان منه إلى 
آدم   - على نحو الذي منه إلى ذريته ، من تزيين أكل ما نهى الله 
آدم   [ ص: 532 ] عن أكله من الشجرة ، بغير مباشرة خطابه إياه بما استزله به من القول والحيل - لما قال جل ثناؤه : " 
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين  " كما غير جائز أن يقول اليوم قائل ممن أتى معصية : قاسمني إبليس أنه لي ناصح فيما زين لي من المعصية التي أتيتها . فكذلك الذي كان من 
آدم  وزوجته ، لو كان على النحو الذي يكون فيما بين إبليس اليوم وذرية آدم - لما قال جل ثناؤه : " 
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين  " ولكن ذلك كان - إن شاء الله - على نحو ما قال 
ابن عباس  ومن قال بقوله . 
فأما سبب وصوله إلى الجنة حتى كلم 
آدم  بعد أن أخرجه الله منها وطرده عنها ، فليس فيما روي عن 
ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه  في ذلك معنى يجوز لذي فهم مدافعته ، إذ كان ذلك قولا لا يدفعه عقل ولا خبر يلزم تصديقه من حجة بخلافه ، وهو من الأمور الممكنة . والقول في ذلك إنه وصل إلى خطابهما على ما أخبرنا الله جل ثناؤه ، وممكن أن يكون وصل إلى ذلك بنحو الذي قاله المتأولون ، بل ذلك - إن شاء الله - كذلك ، لتتابع أقوال أهل التأويل على تصحيح ذلك . وإن كان 
ابن إسحاق  قد قال في ذلك ما : 
753 - حدثنا به 
ابن حميد ،  قال : حدثنا 
سلمة ،  قال : قال 
ابن إسحاق  في ذلك ، والله أعلم ، كما قال 
ابن عباس  وأهل التوراة : إنه خلص إلى 
آدم  وزوجته بسلطانه الذي جعل الله له ليبتلي به 
آدم  وذريته ، وأنه يأتي ابن آدم في نومته وفي يقظته ، وفي كل حال من أحواله ، حتى يخلص إلى ما أراد منه ، حتى يدعوه إلى المعصية ، ويوقع في نفسه الشهوة وهو لا يراه . وقد قال الله عز وجل : " 
فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه  " وقال :  
[ ص: 533 ]  ( 
يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون  ) [ سورة الأعراف : 27 ] وقد قال الله لنبيه عليه السلام : ( 
قل أعوذ برب الناس ملك الناس  ) إلى آخر السورة . ثم ذكر الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501549إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم  . ثم قال ابن إسحاق : وإنما أمر ابن آدم فيما بينه وبين عدو الله ، كأمره فيما بينه وبين 
آدم   . فقال الله : ( 
فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين  ) [ سورة الأعراف : 13 ] . ثم خلص إلى 
آدم  وزوجته حتى كلمهما ، كما قص الله علينا من خبرهما ، فقال : ( 
فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى  ) [ سورة طه : 120 ] ، فخلص إليهما بما خلص إلى ذريته من حيث لا يريانه - فالله أعلم أي ذلك كان - فتابا إلى ربهما . 
قال 
أبو جعفر :  وليس في يقين 
ابن إسحاق   - لو كان قد أيقن في نفسه - أن إبليس لم يخلص إلى 
آدم  وزوجته بالمخاطبة بما أخبر الله عنه أنه قال لهما وخاطبهما به ، ما يجوز لذي فهم الاعتراض به على ما ورد من القول مستفيضا من أهل العلم ، مع دلالة الكتاب على صحة ما استفاض من ذلك بينهم . فكيف بشكه ؟ والله نسأل التوفيق .