[ ص: 55 ] القول في تأويل قوله ( 
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما  ( 92 ) ( 
قال 
أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : " 
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين  " ، فمن لم يجد رقبة مؤمنة يحررها كفارة لخطئه في قتله من قتل من مؤمن أو معاهد ، لعسرته بثمنها 
فصيام شهرين متتابعين يقول : فعليه صيام شهرين متتابعين . 
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . 
فقال بعضهم فيه بنحو ما قلنا . 
ذكر من قال ذلك : 
10171 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  في قول الله : " 
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين  " ، قال : من لم يجد عتقا أو عتاقة - شك 
أبو عاصم   - في قتل مؤمن خطأ ، قال : وأنزلت في 
عياش بن أبي ربيعة ،  قتل مؤمنا خطأ  . 
وقال آخرون : صوم الشهرين عن الدية والرقبة . قالوا : وتأويل الآية : فمن لم يجد رقبة مؤمنة ، ولا دية يسلمها إلى أهلها ، فعليه صوم شهرين متتابعين . 
ذكر من قال ذلك : 
10172 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
سويد بن نصر  قال : حدثنا 
ابن المبارك ،  عن 
زكريا ،  عن 
الشعبي ،  عن 
مسروق   : أنه سئل عن الآية التي في"سورة النساء" : " 
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين  " : صيام الشهرين عن  
[ ص: 56 ] الرقبة وحدها ، أو عن الدية والرقبة؟ فقال : من لم يجد فهو عن الدية والرقبة . 
10173 - حدثنا 
ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن 
زكريا ،  عن 
عامر ،  عن 
مسروق  بنحوه . 
قال 
أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك ، أن الصوم عن الرقبة دون الدية ، لأن دية الخطأ على عاقلة القاتل ، والكفارة على القاتل ، بإجماع الحجة على ذلك نقلا عن نبيها صلى الله عليه وسلم ، فلا يقضي صوم صائم عما لزم غيره في ماله . 
و"المتابعة" صوم الشهرين ، وأن لا يقطعه بإفطار بعض أيامه لغير علة حائلة بينه وبين صومه . 
ثم قال جل ثناؤه : 
توبة من الله وكان الله عليما حكيما يعني : تجاوزا من الله لكم إلى التيسير عليكم ، بتخفيفه عنكم ما خفف عنكم من فرض تحرير الرقبة المؤمنة إذا أعسرتم بها ، بإيجابه عليكم صوم شهرين متتابعين 
وكان الله عليما حكيما يقول : ولم يزل الله 
عليما بما يصلح عباده فيما يكلفهم من فرائضه وغير ذلك 
حكيما بما يقضي فيهم ويريد .