القول في 
تأويل قوله ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما  ( 105 ) ) ( 
واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما  ( 106 ) ) 
قال 
أبو جعفر   : يعني جل ثناؤه بقوله : " 
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله  " 
إنا أنزلنا إليك يا 
محمد  الكتاب يعني : القرآن 
لتحكم بين الناس لتقضي بين الناس فتفصل بينهم 
بما أراك الله  [ ص: 176 ] يعني : بما أنزل الله إليك من كتابه 
ولا تكن للخائنين خصيما يقول : ولا تكن لمن خان مسلما أو معاهدا في نفسه أو ماله خصيما تخاصم عنه ، وتدفع عنه من طالبه بحقه الذي خانه فيه 
واستغفر الله يا محمد ، وسله أن يصفح لك عن عقوبة ذنبك في مخاصمتك عن الخائن من خان مالا لغيره 
إن الله كان غفورا رحيما يقول : إن الله لم يزل يصفح عن ذنوب عباده المؤمنين ، بتركه عقوبتهم عليها إذا استغفروه منها رحيما بهم . 
فافعل ذلك أنت ، يا 
محمد ،  يغفر الله لك ما سلف من خصومتك عن هذا الخائن . 
وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن خاصم عن الخائن ، ولكنه هم بذلك ، فأمره الله بالاستغفار مما هم به من ذلك . 
وذكر أن الخائنين الذين عاتب الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم في خصومته عنهم : 
بنو أبيرق   . 
واختلف أهل التأويل في خيانته التي كانت منه ، فوصفه الله بها . 
فقال بعضهم : كانت سرقة سرقها . 
ذكر من قال ذلك : 
10409 - حدثني 
محمد بن عمرو  قال : حدثنا 
أبو عاصم ،  عن 
عيسى ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  في قول الله : " 
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله  " إلى قوله : " 
ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله  " ، فيما بين ذلك ، في 
ابن أبيرق ،  ودرعه من حديد ، من 
يهود ،  التي سرق ،  
[ ص: 177 ] وقال أصحابه من المؤمنين للنبي : "اعذره في الناس بلسانك" ، ورموا بالدرع رجلا من 
يهود  بريئا . 
10410 - حدثني 
المثنى  قال : حدثنا 
أبو حذيفة  قال : حدثنا 
شبل ،  عن 
ابن أبي نجيح ،  عن 
مجاهد  نحوه . 
10411 - حدثنا 
الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني  قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة  قال : حدثنا 
محمد بن إسحاق ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ،  عن أبيه ، عن جده 
 nindex.php?page=showalam&ids=361قتادة بن النعمان  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810389كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق   : بشر  وبشير  ،  nindex.php?page=showalam&ids=16875ومبشر ،  وكان بشير  رجلا منافقا ، وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ينحله إلى بعض العرب ، ثم يقول : "قال فلان كذا" ، و "قال فلان كذا" ، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا الخبيث! فقال : 
أوكلما قال الرجال قصيدة أضموا وقالوا : ابن الأبيرق قالها! 
قال : وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام ، وكان الناس  [ ص: 178 ] إنما طعامهم بالمدينة  التمر والشعير ، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشأم  بالدرمك ، ابتاع الرجل منها فخص به نفسه . فأما العيال ، فإنما طعامهم التمر والشعير . فقدمت ضافطة منالشأم ،  فابتاع عمي رفاعة بن زيد  حملا من الدرمك ، فجعله في مشربة له ، وفي المشربة سلاح له : درعان وسيفاهما وما يصلحهما . فعدي عليه من تحت الليل ، فنقبت المشربة ، وأخذ الطعام والسلاح . فلما أصبح ، أتاني عمي رفاعة  فقال : يا ابن أخي ، تعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه ، فنقبت مشربتنا ، فذهب بسلاحنا وطعامنا! قال : فتحسسنا في الدار ، وسألنا ، فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق  استوقدوا في هذه الليلة ، ولا نرى فيما نراه إلا على بعض طعامكم . 
قال : وقد كان بنو أبيرق  قالوا ونحن نسأل في الدار : والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل   ! رجلا منا له صلاح وإسلام . فلما سمع بذلك لبيد ،  اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق  فقال : والله ليخالطنكم هذا السيف ، أو لتبينن هذه  [ ص: 179 ] السرقة . قالوا : إليك عنا أيها الرجل ، فوالله ما أنت بصاحبها! فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها ، فقال عمي : يا ابن أخي ، لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له! 
قال قتادة   : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقلت : يا رسول الله ، إن أهل بيت منا أهل جفاء ، عمدوا إلى عمي رفاعة  فنقبوا مشربة له ، وأخذوا سلاحه وطعامه ، فليردوا علينا سلاحنا ، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنظر في ذلك . فلما سمع بذلك بنو أبيرق ،  أتوا رجلا منهم يقال له : " أسير بن عروة   " ، فكلموه في ذلك . واجتمع إليه ناس من أهل الدار ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن  nindex.php?page=showalam&ids=361قتادة بن النعمان  وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت . 
قال قتادة   : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته ، فقال : عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ، ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت!! قال : فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك . فأتيت عمي رفاعة ،  فقال : يا ابن أخي ، ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : الله المستعان! 
فلم نلبث أن نزل القرآن : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما  " ، يعني : بني أبيرق  واستغفر الله أي : مما قلت لقتادة   " إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم  "  [ ص: 180 ] أي : بني أبيرق  إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس إلى قوله : " ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما  " ، أي : إنهم إن يستغفروا الله يغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا  " ، قولهم للبيد   " ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك  " ، يعني : أسيرا  وأصحابه" وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة  " إلى قوله : " فسوف نؤتيه أجرا عظيما  " . 
فلما نزل القرآن ، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة   . قال قتادة   : فلما أتيت عمي بالسلاح ، وكان شيخا قد عسا في الجاهلية ، وكنت أرى إسلامه مدخولا فلما أتيته بالسلاح قال : يا ابن أخي ، هو في سبيل الله . قال : فعرفت أن إسلامه كان صحيحا . فلما نزل القرآن ، لحق بشير  بالمشركين ، فنزل على سلافة ابنة سعد بن شهيد ،  فأنزل الله فيه :  [ ص: 181 ]  ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين  ) إلى قوله : ( ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا  ) . فلما نزل على سلافة ،  رماها حسان بن ثابت  بأبيات من شعر ، 
فأخذت رحله فوضعته على رأسها ، ثم خرجت فرمت به في الأبطح ،  ثم قالت : أهديت إلي شعر حسان   ! ما كنت تأتيني بخير  !  
[ ص: 182 ] 
10412 - حدثنا 
بشر بن معاذ  قال : حدثنا 
يزيد  قال : حدثنا 
سعيد ،  عن 
قتادة   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=810390 " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله  " ، يقول : بما أنزل الله عليك وبين لك " ولا تكن للخائنين خصيما  " ، فقرأ إلى قوله : " إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما  " . ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق ،  وفيما هم به نبي الله صلى الله عليه وسلم من عذره ، وبين الله شأن طعمة بن أبيرق ،  ووعظ نبيه وحذره أن يكون للخائنين خصيما . 
وكان طعمة بن أبيرق  رجلا من الأنصار ،  ثم أحد بني ظفر ،  سرق درعا لعمه كانت وديعة عنده ، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم ، يقال له : " زيد بن السمين   " . فجاء اليهودي إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يهنف ، فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر ،  جاءوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم ،  [ ص: 183 ] وكان نبي الله عليه السلام قد هم بعذره ، حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل ، فقال : " ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم  " إلى قوله : " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة  " ، يعني بذلك قومه " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا  " ، وكان طعمة  قذف بها بريئا . فلما بين الله شأن طعمة ،  نافق ولحق بالمشركين بمكة ،  فأنزل الله في شأنه : 
( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا  )  . 
10413 - حدثني 
محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن 
ابن عباس  قوله : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=811420 " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما  " ، وذلك أن نفرا من الأنصار  غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته ، فسرقت درع لأحدهم ، فأظن بها رجلا من الأنصار ،  فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن طعمة بن أبيرق  سرق درعي . فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأى السارق ذلك ، عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء ، وقال لنفر من عشيرته : إني قد غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان ، وستوجد عنده . فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلا فقالوا : يا نبي الله ، إن صاحبنا بريء ، وإن سارق الدرع فلان ، وقد أحطنا بذلك علما ، فاعذر صاحبنا على رءوس الناس وجادل عنه ، فإنه إلا يعصمه الله بك يهلك! فقام رسول الله صلى الله  [ ص: 184 ] عليه وسلم فبرأه وعذره على رءوس الناس ، فأنزل الله : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما  " ، يقول : احكم بينهم بما أنزل الله إليك في الكتاب واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم الآية . ثم قال للذين أتوا رسول الله عليه السلام ليلا" يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله  " إلى قوله : " أم من يكون عليهم وكيلا  " ، يعني : الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائن ثم قال : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما  " يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال : " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا  " ، يعني السارق والذين يجادلون عن السارق . 
10414 - حدثني 
يونس  قال : أخبرنا 
ابن وهب  قال : قال 
ابن زيد  في قوله : 
 " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله  " الآية ، قال : كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه على يهودي ، فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ، ولكن طرحت علي! وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون : يا رسول الله ، إن هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به! قال : حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول ، فعاتبه الله عز وجل في ذلك فقال : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله  " بما قلت لهذا اليهودي إن الله كان غفورا رحيما ثم أقبل على جيرانه فقال : " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا  " فقرأ حتى بلغ " أم من يكون عليهم وكيلا  " . قال : ثم عرض التوبة فقال :  [ ص: 185 ]  " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه  " ، فما أدخلكم أنتم أيها الناس ، على خطيئة هذا تكلمون دونه " وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا  " ، وإن كان مشركا " فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا  " ، فقرأ حتى بلغ : " لا خير في كثير من نجواهم  " ، فقرأ حتى بلغ : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى  " . قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له ، وخرج إلى المشركين بمكة  فنقب بيتا يسرقه ، فهدمه الله عليه فقتله . فذلك قول الله تبارك وتعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى  " ، فقرأ حتى بلغ وساءت مصيرا ويقال : هو طعمة بن أبيرق ،  وكان نازلا في بني ظفر   . 
وقال آخرون : بل الخيانة التي وصف الله بها من وصفه بقوله : " 
ولا تكن للخائنين خصيما  " ، جحوده وديعة كان أودعها . 
ذكر من قال ذلك : 
10415 - حدثنا 
محمد بن الحسين  قال : حدثنا 
أحمد بن مفضل  قال : حدثنا 
أسباط ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي   : 
 " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما  " ، قال : أما ما أراك الله فما أوحى الله إليك . قال : نزلت في طعمة بن أبيرق ،  استودعه رجل من اليهود  درعا ، فانطلق بها إلى داره ، فحفر لها اليهودي ثم دفنها . فخالف إليها طعمة  فاحتفر عنها فأخذها . فلما جاء اليهودي يطلب درعه ، كافره عنها ، فانطلق إلى ناس من  [ ص: 186 ] اليهود  من عشيرته فقال : انطلقوا معي ، فإني أعرف موضع الدرع . فلما علم بهم طعمة ،  أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مليل الأنصاري   . فلما جاءت اليهود  تطلب الدرع فلم تقدر عليها ، وقع به طعمة  وأناس من قومه فسبوه ، وقال : أتخونونني! فانطلقوا يطلبونها في داره ، فأشرفوا على بيت أبي مليل ،  فإذا هم بالدرع . وقال طعمة   : أخذها أبو مليل   ! وجادلت الأنصار  دون طعمة ،  وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي ، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة  اليهودي! فأتاه أناس من الأنصار  فقالوا : يا رسول الله ، جادل عن طعمة  وأكذب اليهودي . فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ، فأنزل الله عليه : " ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله  " مما أردت " إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما  " ثم ذكر الأنصار  ومجادلتهم عنه فقال : " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول  " ، يقول : يقولون ما لا يرضى من القول " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة  " ثم دعا إلى التوبة فقال : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما  " ثم ذكر قوله حين قال : "أخذها أبو مليل   " فقال : " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه  " " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا  " ثم ذكر الأنصار  وإتيانها إياه : أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه ، فقال : " لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة  " ، يقول : النبوة ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون  [ ص: 187 ] أن يكذبوا عن طعمة ،  فقال : " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس  " . فلما فضح الله طعمة بالمدينة  بالقرآن ، هرب حتى أتى مكة ،  فكفر بعد إسلامه ، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي ،  فنقب بيت الحجاج ،  فأراد أن يسرقه ، فسمع الحجاج  خشخشة في بيته وقعقعة جلود كانت عنده ، فنظر فإذا هو بطعمة  فقال : ضيفي وابن عمي وأردت أن تسرقني!! فأخرجه ، فمات بحرة بني سليم  كافرا ، وأنزل الله فيه : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى  " إلى" وساءت مصيرا  "  . 
10416 - حدثنا 
القاسم  قال : حدثنا 
الحسين  قال : حدثني 
حجاج ،  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ،  عن 
عكرمة ،  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=812099استودع رجل من الأنصار  طعمة بن أبيرق  مشربة له فيها درع ، وخرج فغاب . فلما قدم الأنصاري فتح مشربته ، فلم يجد الدرع ، فسأل عنها طعمة بن أبيرق ،  فرمى بها رجلا من اليهود  يقال له زيد بن السمين   : فتعلق صاحب الدرع بطعمة  في درعه . فلما رأى ذلك قومه ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه ليدرأ عنه ، فهم بذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم  " ، يعني : 
طعمة بن أبيرق  وقومه  
[ ص: 188 ]  " 
ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا  " ، 
محمد  صلى الله عليه وسلم وقوم 
طعمة   " 
ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما  " ، 
محمد  وطعمة  وقومه قال : " 
ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه  " الآية ، 
طعمة   " 
ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا  " ، يعني 
زيد بن السمين   " 
فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا  " ، 
طعمة بن أبيرق   " 
ولولا فضل الله عليك ورحمته  " يا 
محمد   " 
لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء  " ، قوم 
طعمة بن أبيرق   " 
وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما  " يا 
محمد   " 
لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف  " ، حتى تنقضي الآية للناس عامة " 
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين  " الآية . قال : لما نزل القرآن في 
طعمة بن أبيرق ،  لحق 
بقريش  ورجع في دينه ، ثم عدا على مشربة 
للحجاج بن علاط البهزي ثم السلمي ،  حليف 
لبني عبد الدار ،  فنقبها ، فسقط عليه حجر فلحج . فلما أصبح أخرجوه من 
مكة   . فخرج فلقي ركبا من 
بهراء من قضاعة ،  فعرض لهم فقال : ابن سبيل منقطع به! فحملوه ، حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ، ثم انطلق . فرجعوا في طلبه فأدركوه ، فقذفوه بالحجارة حتى مات . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج   : فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله : " 
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء  " ، أنزلت في 
طعمة بن أبيرق  ويقولون : إنه رمى بالدرع في دار 
أبي مليل  [ ص: 189 ] بن عبد الله الخزرجي ،  فلما نزل القرآن لحق 
بقريش ،  فكان من أمره ما كان . 
10417 - حدثت عن 
الحسين بن الفرج  قال : سمعت 
أبا معاذ  قال : حدثنا 
عبيد بن سليمان  قال : سمعت 
الضحاك  يقول في قوله : " 
لتحكم بين الناس بما أراك الله  " ، يقول : بما أنزل عليك وأراكه في كتابه  . ونزلت هذه الآية في رجل من 
الأنصار  استودع درعا فجحد صاحبها ، فخونه رجال من أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فغضب له قومه ، وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : خونوا صاحبنا ، وهو أمين مسلم ، فاعذره يا نبي الله وازجر عنه! فقام نبي الله فعذره وكذب عنه ، وهو يرى أنه بريء ، وأنه مكذوب عليه ، فأنزل الله بيان ذلك فقال : " 
إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله  " إلى قوله : " 
أم من يكون عليهم وكيلا  " ، فبين الله خيانته ، فلحق بالمشركين من 
أهل مكة   وارتد عن الإسلام ، فنزل فيه : " 
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى  " إلى قوله : " 
وساءت مصيرا  " . 
قال 
أبو جعفر   : وأولى التأويلين في ذلك بما دل عليه ظاهر الآية ، قول من قال : كانت خيانته التي وصفه الله بها في هذه الآية ، جحوده ما أودع ، لأن ذلك هو المعروف من معاني "الخيانات" في كلام العرب . وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من معاني كلام العرب ما وجد إليه سبيل ، أولى من غيره .