1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النساء
  4. القول في تأويل قوله تعالى "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا "
صفحة جزء
[ ص: 197 ] القول في تأويل قوله ( ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ( 112 ) )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : من يعمل خطيئة وهي الذنب أو إثما وهو ما لا يحل من المعصية .

وإنما فرق بين "الخطيئة والإثم" ، لأن "الخطيئة" ، قد تكون من قبل العمد وغير العمد ، و "الإثم" لا يكون إلا من العمد ، ففصل جل ثناؤه لذلك بينهما فقال : ومن يأت "خطيئة" على غير عمد منه لها "أو إثما" على عمد منه .

" ثم يرم به بريئا " ، يعني : ثم يضيف ما له من خطئه أو إثمه الذي تعمده "بريئا" مما أضافه إليه ونحله إياه " فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " يقول : فقد تحمل بفعله ذلك فرية وكذبا وإثما عظيما يعني ، وجرما عظيما ، على علم منه وعمد لما أتى من معصيته وذنبه .

واختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله : "بريئا" ، بعد إجماع جميعهم على أن الذي رمى البريء من الإثم الذي كان أتاه ، ابن أبيرق الذي وصفنا شأنه قبل . [ ص: 198 ]

فقال بعضهم : عنى الله عز وجل بالبريء ، رجلا من المسلمين يقال له : " لبيد بن سهل " .

وقال آخرون : بل عنى رجلا من اليهود يقال له : " زيد بن السمين " ، وقد ذكرنا الرواية عمن قال ذلك فيما مضى .

وممن قال : "كان يهوديا" ، ابن سيرين .

10425 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن ابن سيرين : ثم يرم به بريئا قال : يهوديا .

10426 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا بدل بن المحبر قال : حدثنا شعبة ، عن خالد ، عن ابن سيرين ، مثله .

وقيل : " يرم به بريئا " ، بمعنى : ثم يرم بالإثم الذي أتى هذا الخائن ، من هو بريء مما رماه به ، ف "الهاء" في قوله : به عائدة على "الإثم" . ولو جعلت كناية من ذكر "الإثم" و "الخطيئة" ، كان جائزا ، لأن الأفعال وإن اختلفت العبارات عنها ، فراجعة إلى معنى واحد بأنها فعل .

وأما قوله : " فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " ، فإن معناه : فقد تحمل - هذا الذي رمى بما أتى من المعصية وركب من الإثم والخطيئة ، من هو بريء مما رماه به [ ص: 199 ] من ذلك - بهتانا وهو الفرية والكذب وإثما مبينا يعني وزرا مبينا يعني أنه يبين عن أمر متحمله وجراءته على ربه ، وتقدمه على خلافه فيما نهاه عنه لمن يعرف أمره .

التالي السابق


الخدمات العلمية