صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط )

قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب وفي المستضعفين من الولدان وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط .

وقد ذكرنا الرواية بذلك عمن قاله من الصحابة والتابعين فيما مضى ، والذين [ ص: 265 ] أفتاهم في أمر المستضعفين من الولدان أن يؤتوهم حقوقهم من الميراث ، لأنهم كانوا لا يورثون الصغار من أولاد الميت ، وأمرهم أن يقسطوا فيهم ، فيعدلوا ويعطوهم فرائضهم على ما قسم الله لهم في كتابه ، كما : -

10566 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " والمستضعفين من الولدان " ، كانوا لا يورثون جارية ولا غلاما صغيرا ، فأمرهم الله أن يقوموا لليتامى بالقسط . و "القسط" : أن يعطى كل ذي حق منهم حقه ، ذكرا كان أو أنثى ، الصغير منهم بمنزلة الكبير .

10567 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : لا تورثوهن مالا" وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، قال : فدخل النساء والصغير والكبير في المواريث ، ونسخت المواريث ذلك الأول .

10568 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، أمروا لليتامى بالقسط ، بالعدل .

10569 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

10570 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي مالك : " والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، قال : كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر .

10571 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " والمستضعفين من الولدان " ، فكانوا في الجاهلية [ ص: 266 ] لا يورثون الصغار ولا البنات ، فذلك قوله : " لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، فنهى الله عن ذلك ، وبين لكل ذي سهم سهمه ، فقال : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) [ سورة النساء : 11 ، 176 ] ، صغيرا كان أو كبيرا .

10572 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : " والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، وذلك أنهم كانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئا ، فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث .

10573 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم : أن عمر بن الخطاب كان إذا جاءه ولي اليتيمة ، فإن كانت حسنة غنية قال له عمر : زوجها غيرك ، والتمس لها من هو خير منك . وإذا كانت بها دمامة ولا مال لها ، قال : تزوجها فأنت أحق بها!

10574 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يونس بن عبيد ، عن الحسين بن الفرج قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أمري وما أمر يتيمتي؟ قال : في أي بالكما؟ قال : ثم قال علي : أمتزوجها أنت غنية جميلة؟ قال : نعم ، والإله! قال : فتزوجها دميمة لا مال لها! ثم قال علي : خر لها ، فإن كان غيرك خيرا لها فألحقها بالخير . [ ص: 267 ]

قال أبو جعفر : فقيامهم لليتامى بالقسط ، كان العدل فيما أمر الله فيهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية