1. الرئيسية
  2. تفسير الطبري
  3. تفسير سورة النساء
  4. القول في تأويل قوله تعالى "وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا "
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ( 128 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : معناه : وأحضرت أنفس النساء الشح على أنصبائهن من أنفس أزواجهن وأموالهم .

ذكر من قال ذلك :

10609 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : نصيبها منه .

10610 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو أحمد وحدثنا ابن وكيع قال : [ ص: 280 ] حدثنا ابن يمان قالا جميعا : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : في الأيام .

10611 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : في الأيام والنفقة .

10612 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن مهدي وابن يمان ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : في النفقة .

10613 - حدثنا ابن وكيع . . قال : حدثنا روح ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : في النفقة .

10614 - وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : في الأيام .

10615 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في هذه الآية : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : نفس المرأة على نصيبها من زوجها ، من نفسه وماله .

10616 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، بمثله .

10617 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، مثله .

10618 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير : في النفقة . [ ص: 281 ]

10619 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن الشيباني ، عن بكير بن الأخنس ، عن سعيد بن جبير قال : في الأيام والنفقة .

10620 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير قال : في الأيام والنفقة .

10621 - حدثني المثنى قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في قوله : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : المرأة تشح على مال زوجها ونفسه .

10622 - حدثنا المثنى قال : أخبرنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير قال : جاءت المرأة حين نزلت هذه الآية : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قالت : "إني أريد أن تقسم لي من نفسك"! وقد كانت رضيت أن يدعها فلا يطلقها ولا يأتيها ، فأنزل الله : " وأحضرت الأنفس الشح " .

10623 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : تطلع نفسها إلى زوجها وإلى نفقته . قال : وزعم أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سودة بنت زمعة : كانت قد كبرت ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلقها ، فاصطلحا على أن يمسكها ، ويجعل يومها لعائشة ، فشحت بمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : معنى ذلك : وأحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة ، الشح بحقه قبل صاحبه .

ذكر من قال ذلك :

10624 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد [ ص: 282 ] يقول في قوله : " وأحضرت الأنفس الشح " ، قال : لا تطيب نفسه أن يعطيها شيئا فتحلله ، ولا تطيب نفسها أن تعطيه شيئا من مالها فتعطفه عليها .

قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من قال : عنى بذلك : أحضرت أنفس النساء الشح بأنصبائهن من أزواجهن في الأيام والنفقة .

و "الشح" : الإفراط في الحرص على الشيء ، وهو في هذا الموضع : إفراط حرص المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها .

فتأويل الكلام : وأحضرت أنفس النساء أهواءهن ، من فرط الحرص على حقوقهن من أزواجهن والشح بذلك على ضرائرهن .

وبنحو ما قلنا في معنى "الشح" ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول :

10625 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " وأحضرت الأنفس الشح " ، والشح ، هواه في الشيء يحرص عليه .

وإنما قلنا : هذا القول أولى بالصواب ، من قول من قال : "عني بذلك : وأحضرت أنفس الرجال والنساء الشح" ، على ما قاله ابن زيد لأن مصالحة الرجل امرأته بإعطائه إياها من ماله جعلا على أن تصفح له عن القسم لها ، غير جائزة . وذلك أنه غير معتاض عوضا من جعله الذي بذله لها . والجعل لا يصح إلا على عوض : إما عين ، وإما منفعة . والرجل متى جعل للمرأة جعلا على أن تصفح له عن يومها وليلتها ، فلم يملك عليها عينا ولا منفعة . وإذ كان ذلك كذلك ، كان ذلك من معاني أكل المال بالباطل . وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أنه لا وجه لقول من قال : "عنى بذلك الرجل والمرأة" . [ ص: 283 ]

فإن ظن ظان أن ذلك إذ كان حقا للمرأة ، ولها المطالبة به ، فللرجل افتداؤه منها بجعل ، فإن شفعة المستشفع في حصة من دار اشتراها رجل من شريك له فيها حق ، له المطالبة بها ، فقد يجب أن يكون للمطلوب افتداء ذلك منه بجعل . وفي إجماع الجميع على أن الصلح في ذلك على عوض غير جائز ، إذ كان غير معتاض منه المطلوب في الشفعة عينا ولا نفعا ما يدل على بطول صلح الرجل امرأته على عوض ، على أن تصفح عن مطالبتها إياه بالقسمة لها .

وإذا فسد ذلك ، صح أن تأويل الآية ما قلنا . وقد أبان الخبر الذي ذكرناه عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، الآية : نزلت في أمر رافع بن خديج وزوجته ، إذ تزوج عليها شابة ، فآثر الشابة عليها ، فأبت الكبيرة أن تقر على الأثرة ، فطلقها تطليقة وتركها . فلما قارب انقضاء عدتها خيرها بين الفراق والرجعة والصبر على الأثرة ، فاختارت الرجعة والصبر على الأثرة . فراجعها وآثر عليها ، فلم تصبر ، فطلقها . ففي ذلك دليل واضح على أن قوله : " وأحضرت الأنفس الشح " ، إنما عني به : وأحضرت أنفس النساء الشح بحقوقهن من أزواجهن ، على ما وصفنا .

قال أبو جعفر : وأما قوله " وإن تحسنوا وتتقوا " ، فإنه يعني : وإن تحسنوا ، أيها الرجال ، في أفعالكم إلى نسائكم ، إذا كرهتم منهن دمامة أو خلقا أو بعض ما تكرهون منهن بالصبر عليهن ، وإيفائهن حقوقهن ، وعشرتهن بالمعروف وتتقوا يقول : وتتقوا الله فيهن بترك الجور منكم عليهن فيما يجب لمن كرهتموه منهن عليكم ، من القسمة له والنفقة والعشرة بالمعروف [ ص: 284 ] " فإن الله كان بما تعملون خبيرا " ، يقول : فإن الله كان بما تعملون في أمور نسائكم ، أيها الرجال ، من الإحسان إليهن والعشرة بالمعروف ، والجور عليهن فيما يلزمكم لهن ويجب خبيرا يعني : عالما خابرا ، لا يخفى عليه منه شيء ، بل هو به عالم ، وله محص عليكم ، حتى يوفيكم جزاء ذلك : المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته .

التالي السابق


الخدمات العلمية